ظن " الفستق " من البقول، فأما قول خداش بن زهير:
وتركبُ خيلا لا هوادةَ بينَها ... وتشقَى الرماحُ بالضياطِرةِ الحمرِ
فذهب جمهور العلماء إلى أنّ المعنى: وتشقى الضياطرة الحمر بالرماح. فقلب، وليس الأمر عندي كذلك، وإنما يريد أنّ رماحهم تشرف عن هَؤُلَاءِ الضياطرة، فإذا طعنوا بها فقد شقيت الرماح؛ لأنَّ منزلتها أرفع من أن يطعنوا بها، وكذا قول زهير:
فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلمانَ أَشأَم كلُّهُمْ ... كأَحْمَرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
قالوا: إنما هو أحمر ثمود فغلط فنسبه إلى عاد، وليس هذا عندي غلطا؛ لأنّ ثمودا تسمى عاد الآخرة، ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى).
وإنما سُمُّوا ثمود لأنّ الله تعالى لما أهلك عاد، بقيت منهم بقية تناسلوا فهم ثمود، فاشتق لهم من الثمد وهو الماء القليل؛ لأنَّهم قلوا عن عدد عاد الأولى، وهذا كثير في الشعر يجري مجرى الغلط ولا يجب أن يحمل القرآن عليه.
* * *
قوله تعالى: (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ)
أختلف العلماء في (وَيْكَأَنَّهُ):
فذهب الفراء إلى أنّ أصلها (ويلك) فحذفت اللام وجعلت (أنّ) مفتوحة في موضع نصب بفعلٍ مضمر، كأنّه قال: ويلك اعلم أنّه، وأنشد لعنترة:
ولقد شَفَى نفسِي وأَبْرَأَ سُقْمَها ... قيلُ الفوارسِ وَيْكَ عنترَة أَقْدمِ
قال: وحدثني شيخ من أهل البصرة قال سمعت أعرابية تقول لزوجها: أين ابنك ويلك؟ - فقال