(دخل) فيها معنى (تميل)، أي: تميل بالعصبة. فأما قول أبي عبيدة: أنّه مقلوب وأنّ المعنى لتنوء العصبة بها، كما قال:
إِنَّ سِراجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ ... تَحلا بهِ العَيْنُ إِذَا مَا تَجْهَرُهْ
أي: يحلا بالعين، فقلب. وقال آخر:
كَانتْ عُقُوبةُ ما جَنَيتُ كما ... كانَ الزِّناءُ عقوبةَ الرجمِ
وقال امرؤ القيس:
يُضيء الظَّلامَ وجهُها لضجيعِها ... كمِصْبَاح زَيتٍ في قناديلِ ذُبَّالِ
أي: في ذُبَّالِ قناديل، والذبال في القناديل.
وهذا ليس بشيء، ولا يجب أن يحمل القرآن عليه؛ لأنَّ هذه تجري مجرى الغلط من العرب، ومثل هذا
في شعرهم كثير، قال الآخر:
مِثْل القَنافِذِ هَدَّاجُونَ قَدْ بَلَغَتْ ... نَجْرَانَ أَو بَلَغَتْ سَوآتِهِم هَجَرُ
وكان حقه أن يقول (هجر سوءاتهم) لأنّ السوءات هي التي تبلغ هجر، وقال:
غَداةَ أحلَّتْ لابنِ أَصْرَمَ طَعْنَةٌ ... حُصينٌ عَبيطاتُ السَّدائِفِ والخمرُ
والعبيطات: مفعولة، والطعنة: فاعلة فقلب، ومن أغلاطهم. قول الراجز:
برية لم تعرف المرَقَّقا ... ولم تذُق من البُقُولِ الفُستَقا.