أي: ضيِّق، وهو قول ابن عباس ومجاهد والضحاك، وقال تعالى: (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ). والمعنى على هذا: فظن أنّ لن نضيق عليه فنادى في الظلمات أنّ لا إله إلا أنت سبحانك. والظلمات هاهنا: ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت. هذا قول ابن عباس وقتادة، وقال سالم بن أبي الجعد: كان حوت في بطن حوت.
وقدر بعض السلف حذف حرف الاستفهام، كأنّه قال: أفظن أنّ لن نقدر عليه، وأنكره علي بن عيسى، وقال لا يجوز حذف حرف الاستفهام من غير دليل عليه، وقال الأصمعي: ما حذفت ألف الاستفهام إلا وعليها دليل، وقد جاء حذفها على خلاف ما قال، أنشد النحويون لعمر بن أبي ربيعة:
ثم قالو تُحبُّها قُلتُ بَهراً ... عَدَدَ النجمِ والحصَى والتُرابِ
أي: أتحبها؟
وروي عن الشعبي وسعيد بن جبير أنهما قالا: خرج مغاضباً لربه، وهذا القول مرغوب عنه، لا يجوز مثل هذا على نبى من أنبياء الله تعالى، وقال بعضهم: غضب لما عفا الله عنهم إذ آمنوا، وهذا القول أيضاً لا يصح، لأنّه يؤدي إلى الاعتراض على الله تعالى فيما فعله، وأشدُّ من هذا ما رواه بعضهم من أنّ المعنى في قوله: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) ظن أننا نعجز عنه، وهذا كفر، فمن ظن أنّ الله تعالى لا يقدر عليه، لا يجوز هذا كله على أنبياء الله تعالى.
وفى هذه الآية دلالة على أنّ الصغائر تجوز على الأنبياء علهم السلام، وهم معصومون عن الكبائر، ومعصومون عن الكبائر والصغائر في حال الرسالة.
وكان بقاء يونس عليه السلام في بطن الحوت حياً معجزة له.