وهذا كله غير ما أفرِد بالتصنيف من الكتب والرسائل التي لا تحصى في مسائلَ من القرآن وفي مُشكلهِ وغريبه ومجازِه ومعانيه وضميره وشواهده وأسلوبِ نظمه والمتشابه من آياته وأمثاله
وحروفه وإعرابه وأسمائه وأعلامه وناسخهِ ومنسوخه وأسباب نزوله، إلى كثير من مثل ذلك مما حَفِيَت فيه أقلامُ العلماء، بحيث لا يعلم إلا الله وحده كم يبلَغ ما وُضِع لخدمة كتابه الكريم؛ ولا
يعلم الناس من ذلك إلا أنه معجزة من معجزات التاريخ العلمي في الأرض لم يتفق له في ذلك شبيه من أول الدنيا إلى اليوم، ولن يتفق.
وقد استخرج بعض علمائنا من القرآن ما يشير إلى مستحدثات الاختراع وما يحقق بعض غوامض العلوم الطبيعية، وبسطوا كل ذلك بسطاً ليس هو من غرضنا فنستقصي فيه على أن هذا
ومثله إنما يكون فيه إشارة ولمحة ولعل متحققاً بهذه العلوم الحديثة لو تدبر القرآن وأحكم النظرَ فيه وكان بحيث لا تُعْوِزُهُ أداةُ الفهم ولا يلتوي عليه أمر من أمره. . لاستخرج منه إشارات كثيرة
تومئ إلى حقائق العلوم وإن لم تبسط من أنبائها، وتدل عليها وإن لم تسمها بأسمائها، بلى وإن في هذه العلوم الحديثة على اختلافها لعَوناً على تفسير بعض معاني القرآن والكشفِ عن حقائقه،
وإن فيها لجِمَاماً ودُرْبة لمن يتعاطى ذلك؛ يُحكِمُ بها من الصواب ناحية، وُيحرز من الرأي جانباً؛
وهي تَفتِق لها الذهن، وتؤاتيه بالمعرفة الصحيحة على ما يأخذ فيه، وتُخرج له البرهانَ وإن كان في
طبقات الأرض، وتنزل عليه الحجة وإن كانت في طباق السماء.
ولا جَرَمَ أن هذه العلوم ستدفع بعد تمحيصها واتصال آثارها الصحيحة بالنفوس الإنسانية إلى غاية واحدة، وهي تحقيق الإسلام، وأنه الحق الذي لا مرية فيه، وأنه فِطرةُ الله التي فطر الناس
عليها، وأنه لذلك هو الدين الطبيعي للإنسانية؛ وسيكون العقلُ الإنساني آخر نبي في الأرض، لأن