ويعقوب؛ وبالكوفة، على قراءة حمزة وعاصم؛ وبالشام، على قراءة ابن عامر؛ وبمكة، على قراءة ابن كثير؛ وبالمدينة، على قراءة نافع، وكان هؤلاء هم السبعة! فلما كان على رأس المائة الثالثة،
أثبت أبو بكر ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف منهم اسم يعقوب.
قال بعضهم: والسببُ في الاقتصار على السبعة مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، أو مثلهم إلى عدد أكثرَ من السبعة! هو أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً، فلما تقاصَرَتِ الهممُ اقتصروا مما يوافق خط المصحَفِ على ما يسهلُ حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى من
اشتهر بالثقة والأمانة وطول العمر في ملازمة القراءة به والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماماً واحداً. ولم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات وما القراءةَ به كقراءة يعقوب، وأبي جعفر، وشيبةَ، وغيرهم. قال: وقد صنف ابنُ جبر المكي مثلَ ابن
مجاهد كتاباً في القراءات فاقتصر على خمسة، اختار من كل مصر إماماً، وإنما اقتصر على ذلك لأن المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة، إلى هذه الأمصار، ويقال إنه وجه بسبعة: هذه
الخمسةِ ومصحف إلى اليمن، ومصحف إلى البحرين، لكن لما لم يسمع لهذين المصحفين خبر وأراد ابن مجاهد وغيره " مراعاة عدد المصاحف " استبدلوا من مصحف البحرين واليمن قارئين كمل بهما العدد. اهـ.
وأول من تتبع وجوه القراءات وألَّقها وتقصى الأنواعَ الشاذة فيها وبحث عن أسانيدها من صحيح ومصنوع، هارونُ بن موسى القارئ النحوي المتوفى سنة 170 هـ. وكان رأساً في القراءة والنحو، ولكن أولَ من صنف فيها إنما هو أبو عبيد القاسمُ بن سلام الراوية المتوفى سنة 224 هـ،
وكان أول من استقصاها في كتاب. ويقال إنه أحصى منها خمساً وعشرين قراءة مع السبع المشهورة.