على أن تلك الروايات القليلة إن صحت أسانيدها أو لم تصح: فهي على ضعفها وقلتها مما لا حفل به؛ ما دام إلى جانبها إجماعُ الأمة وتظاهر الروايات الصحيحة وتواتر النقل والأداء على التوثيق.
وبعد فما تلك الردة التي كانت بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفتن التي تعاقبت والأحداث التي
استفاضت، والانشقاق الذي ارفضت به عصا الإسلام - بأقل شأناً ولا أضعف خطراً من هذا كله
ومثله معه من ضروب الأقاويل؛ حتى لا يقتحم مجترئ ولا يستهدف مفتر ولا يبالغ مبطل ولا ينحرف متأول، وحتى لا يروى من أشباه ذلك دقيق أو جليل؛ وإنَّما قياس الباطل بالعلم الحق،
وقياس الظن باليقين الثقة، وأنت تعلم أن كل ما رووه لم يأت من قِبَل الإجماع، وليس له من هذه
الحجة مادة ولا قوة، ولو أن الأمر كان إلى الرأي والنظر لقلنا: لعله ولعلنا، ولكنها الرواية وملاكها، والأدلة واشتراكها (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) .