وتشكله على جهته حتى يحل محل البرهان ودلالة التأليف، مما لا ينحصر حسناً وبهجة وسناء ورفعة.
وإذا علا الكلام في نفسه، كان له من الوقع في القلوب والتمكن في النفوس، ما يذهل ويبهج، ويقلق ويؤنس، ويطمع ويؤيس، ويضحك ويبكي، ويحزن ويفرح، ويسكن ويزعج، ويشجي ويطرب (1.
ويهز الأعطاف، ويستميل نحوه الأسماع 1) .
ويورث الأريحية والعزة، وقد يبعث على بذل المهج والأموال شجاعة وجوداً، ويرمي السامع من وراء رأيه مرمى (?) بعيداً.
وله مسالك في النفوس لطيفة، ومداخل إلى القلوب دقيقة.
وبحسب ما يترتب في نظمه، ويتنزل في موقعه، ويجري على سمت مطلعه ومقطعه - يكون عجيب تأثيراته، وبديع مقتضياته.
وكذلك على حسب مصادره، يتصور وجوه موارده، / وقد (?) ينبئ الكلام عن محل صاحبه، ويدل على مكان متلكمه، وينبه على عظيم شأن أهله، وعلى علو محله.
ألا ترى أن الشعر في الغزل إذا صدر عن محب، كان أرق وأحسن، وإذا صدر عن متعمل (?) ، وحصل من متصنع - نادى على نفسه بالمداجاة، وأخبر عن خبيئه في المراءاة (?) ؟ ! وكذلك قد يصدر الشعر في وصف الحرب عن الشجاع، فيعلم وجه صدوره، ويدل على كنهه وحقيقته.
وقد يصدر عن المتشبه، ويخرج عن المتصنع، فيعرف من حاله ما ظن أنه يخفيه، ويظهر من أمره خلاف ما يبديه.
وأنت تعرف (?) لقول المتنبي: فالخيلُ والليلُ والبيداء تعرفني * والحرب والضرب والقرطاس والقلم (?)