سادسا: بدأ محمد بن عبد الوهاب في حدود عام 1140هـ ينشر آثار علمه وثمرات غرس والده من بيان الصحيح والفاسد من عبادات ومعاملات مجتمعه.
سابعا: أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب امتد باعه إلى بعض العلماء المعاصرين في المدينة المنورة والبصرة، فرحل إليهم واستفاد من علومهم، ونهل من معينهم.
ثامنا: بدأ بنشر دعوته في حريملاء -البلدة التي توفي فيها والده- ولكن لكثرة صدأ القلوب فيها لم تكن عندها قابلية لدعوته، فآذوه أميرا ومأمورين. فانتقل إلى العيينة أملا منه وغلبة ظن بأن أميرها عثمان بن معمر سيساعده؛ لعلمه أن الحق لا بد له من سلطان وسيف وسنان يقمع به كل مارد وشيطان؛ لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن كما قال الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وفهم ذلك محمد بن عبد الوهاب من سيرة سيد ولد عدنان؛ إذ أقام بمكة يدعو ثلاث عشرة سنة فلم يستجب لدعوته إلا أفراد من الضعفاء والمساكين، وامتنع أهل الأموال والمتغطرسون.
ثم أذن الله له بالهجرة إلى المدينة فقوي الإسلام لكثرة المسلمين، فشرع في صد المعاندين وجهاد الكافرين لما أبوا عن إجابة الداعين إلى رب العالمين، فأذل الله الكفر وأهله وأزهق الباطل وخذله، وبهذا يقول الشاعر:
دعا المصطفى دهرا بمكة لم يجب ... وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلت بكفه ... له أسلموا واستسلموا وأنابوا
والقرآن مملوء بالنصوص الآمرة بقتال الكفرة والمشركين؛ كقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} 1.