أهل السنة يثبتون لله عز وجل السمع والبصر، ويفسرونهما.
ويعرفون باللغة أن السمع هو إدراك الأصوات، وأن البصر هو إدراك المرئيات، ويقولون: نثبت لله تعالى سمعاً.
ونقول: إنه يسمع كل شيء من جهر القول وخفي الخطاب، ولا تشتبه عليه اللغات، ولا تغلطه كثرة المسائل مع اختلاف اللغات وتفنن المسئولات، فلا يشغله سمع عن سمع، لا يشغله سمع هذا الداعي عن هذا الداعي، يسمع الجميع ولا يشغله صوت هذا عن هذا، أما المخلوق فإذا تكلم عنده اثنان اشتبه عليه كلام هذا بهذا، فلا يزال يسكِّت أحدَهما حتى يسمع الآخرَ، أما الرب تعالى فإنه يسأله الملائكة والمخلوقات كلها بآن واحد، ومع ذلك يسمع أصواتهم جميعاً ويجيب من يستحق الإجابة.
أما البصر فورد إثباته في آيات كثيرة لا تُحصى، كقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء:134] .
والبصر هو إدراك المبصَرات، ويُطلق عليه أيضاً: الرؤية في قول الله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] ، فأثبت لنفسه أنه يرى، وذلك هو إثبات الرؤية.
وقد وصف نفسه بالسمع والبصر في مثل قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1] ، فجمع بين السمع والبصر في عدة آيات.
فنصف الله تعالى بأنه يبصر، وأنه لا يستر بصرَه حجاب، ولا يحجزه مخلوق عن أن يبصر ما وراءه، فينفذ بصره في جميع المبصَرات، ولا يحتجب شيء عنه من المخلوقات.
وقد ورد في تفسير قول الله تعالى في سورة الملك: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الملك:13] ورد أن ثلاثة من المشركين اجتمعوا فقالوا: أتظنون أن الله يسمع كلامنا ويرانا؟! فقال بعضهم: يسمع إذا جهرنا ولا يسمع إذا أخفينا.
وقال آخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا.
فنزلت الآية: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الملك:13] .