قال رحمه الله تعالى: [ولا يقولون: إن أسماء الله عزَّ وجلَّ -كما تقوله المعتزلة والخوارج وطوائفهم من أهل الأهواء- مخلوقةٌ] .
وفي نسخة: [ولا يقولون: إن أسماءَ الله غيرُ الله] .
ولعل الصواب: [ولا يقولون: إن أسماءَ الله غيرُ الله] ، وذلك لأن المبتدعة زعموا أن أسماءَ الله غيرُه، ولا شك أن الاسم يدل على المسمى، ولأجل ذلك يأمر الله تعالى بذكره بأسمائه، فقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1] المعنى: سبح ربك.
فالاسم دليل على المسمى، وليس الاسم زائداً عليه، وإن كان يمكن أن يقال: إن الاسم كلمة تدل على المسمى.
وذلك في حق المخلوق ممكن، فالإنسان قد يتسمى باسم ثم يتسمى باسم آخر.
ثم أيضاً اسمه قد لا يكون ظاهراً أثرُه في حق المخلوقين، فليس كل من سمِّي صالحاً يكون من أهل الصلاح، ولا من سمي صادقاً يكون من أهل الصدق دائماً، ولا من سمي طاهراً يكون مطهراً، ولا من سمي راشداً يكون من أهل الرشد.
فدل ذلك على أن الاسم ليس هو عين المسمى.
والكلمة أو الجملة قد توسع فيها العلماء واختلفوا في ذلك: فمنهم من يقول: الاسم عين المسمى.
ومنهم من يقول: الاسم غير المسمى.
ومنهم من يتوقف فيقول: لا نقول الاسم عين المسمى ولا الاسم غير المسمى.
والصحيح من حيث الواقع أن الاسم دليل على المسمى وليس هو عين المسمى، ولأجل ذلك قد يُسمى الإنسان باسم ثم يغيَّر اسمُه، وكثير من الصحابة مضى عليهم قبل أن يسلموا أربعون أو خمسون سنة ثم غيِّرت أسماؤهم بعدما أسلموا، فـ عبد الرحمن بن عوف كان اسمه: عبد عمرو، ولما أسلم تسمى بـ عبد الرحمن، وأبو هريرة كان اسمه عبد شمس -على الصحيح-، ولما أسلم تسمى بـ عبد الرحمن، وكذا كثير من الصحابة غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم، فذلك دليل على أن الاسم ليس هو عين المسمى.