تطلق السنة على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتقابل القرآن، فأنت تقول: أعطني دليلاً من الكتاب ومن السنة ومرادك بالسنة الأحاديث، فجعلت الأحاديث هي السنة؛ لأنها الطريقة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة: اسم للطريقة التي يسار عليها كما روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال: سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وسَنَّ الخلفاء الراشدون بعده سنناً إلى آخره.
ومراده بالسنن الطرق التي سنوها وشرعوها لمن بعدهم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته هذه الطرق التي يسيرون عليها، ألا وهي الأوامر والنواهي والأقوال والإرشادات، فسميت سنة لأنه بينها ووضحها، فكأنهم يسيرون عليها، فالسَنَن هي الطرق، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سَنَنِ من كان قبلكم) يعني: طرقهم.
ولما قال له أصحابه: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
قال: (الله أكبر! إنها السنن) يعني: الطرق المسلوكة قبلكم.
فسماها سنناً، يعني: طرقاً ومماهد يسار عليها.
ثم أطلقت السنة على العقيدة السليمة، فيقال: السنة جاءت بكذا وكذا وكثيرٌ من العلماء سموا كتبهم بالسنة، فللإمام أحمد كتاب اسمه (السنة) ، ولولده عبد الله كتاب اسمه (السنة) ، ولتلميذه أبي بكر الخلال (السنة) ، ولـ ابن أبي عاصم كتاب (السنة) ، والمراد بالسنة هنا ما يعتقد، فلا تدخل في سنن الأفعال، أما كتاب المروزي -واسمه محمد بن نصر المروزي - فهو يتعلق بالأحاديث والذب عنها وتصحيحها وما يقال فيها، ولا يتعلق بالعقيدة، بخلاف كتاب (السنة) لـ عبد الله ولأبيه ولتلميذه فإنها تتعلق بالعقيدة، ولبعض المتأخرين -وهو عالم يماني اسمه: ابن الوزير - كتاب مطبوع اسمه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) ، فيراد بالسنة هنا الأحاديث، وكذلك أيضاً الأعمال.
والحاصل أن أهل العقيدة السلفية يسمون (أهل الحديث) ، و (أهل السنة) ، و (أهل الجماعة) ، ويراد بالجماعة: المجتمعون على الحق والخير، والذين تجمعهم عقيدة سليمة ولو كان غيرهم أكثر منهم.
ولقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على لزوم الجماعة، ففي حديث أبي ذر المشهور قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) ، وفي أحاديث كثيرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالجماعة) ، فهو يحث على لزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتهم تحيط بهم من ورائهم.