قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولم يخفوا إلى مكروه في دين] .
يقال: خف فلان إلى الذنب.
خف فلان إلى الغيبة.
وخف فلان إلى النميمة.
أي: أسرع إليها، كما يقال: خف إلى سماع الغناء واللهو والباطل وفعل الفواحش والنظر في المنكرات.
فهؤلاء الذين وصفهم ما خفوا إلى المكروهات بل حجزوا أنفسهم، ولو كانت تلك المكروهات هي شيء من الدوافع النفسية، ولو كانت تشتهيها الأنفس وتتلذذ بها الأعين، ومعلوم أن الله تعالى حف النار بالشهوات، يقول في الحديث: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) ، فالذي يندفع مع تلك الشهوات يكون من أهل النار، مثل الزنا المحرم، والغناء الذي يلتذ به، والنظر إلى الأفلام والصور الفاتنة، والنظر إلى النساء المتبرجات، والكبر، والإعجاب، والبطش، وأكل الأموال بغير حق، والسلب والنهب، والقتل، والاستطالة على الناس، وما أشبه ذلك، إذا عرف أن هذه الشهوات تدفعه إلى مكروه وإلى ما لا يحبه الله تعالى فإنه لا يخف إليها، بل يحجز نفسه ويملكها ويمسك بزمامها ويصرفها إلى الحق والخير، ولو كان الخير ثقيلاً على النفس، فمعلوم أن الطاعات تكون ثقيلة على كثير من النفوس وإن كانت خفيفة على أهل الخير، فقد ذكر الله تعالى أن الصلاة ثقيلة في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] .