Q ابتليت عائلة كاملة بالسحر على يد أحد المقيمين، فقد سلط عليهم الجن بسبب حب الساحر لإحدى الفتيات، ولقد جربت الرقية الشرعية ولكن لم يكتب الله لهم الشفاء، وأخيراً عرض على هذه العائلة الذهاب إلى إحدى البلاد لفك هذا السحر على يد ساحر عظيم في تلك البلاد، فهل يجوز فك السحر بالسحر إذا كان في مثل هذه الحالة، ولقد مضى على هذه العائلة أكثر من ست سنوات وهم في معاناة؟
صلى الله عليه وسلم لا يسلط على أحد عقوبة أو شيء من هذه الأمور إلا بذنب، كما ورد في الحديث: (ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة) ، وقد يكون التسليط من الله تعالى ابتلاء وامتحاناً، وقد يكون التسليط لرفع المقام ولرفع الدرجات، فنقول لهؤلاء: لابد من أحد ثلاثة أمور: الأول: إما أنكم قصرتم في أمر الله وارتكبتم معاصي وسيئات، فكانت هذه العقوبة عقوبة عاجلة على ما اقترفتم من السوء والذنوب، فتفقدوا أنفسكم وأصلحوها وتوبوا إلى ربكم، وبدلوا السيئات بالحسنات، وأصلحوا أعمالكم إصلاحاً جذرياً حتى يشفيكم الله تعالى ويزيل ما بكم من بأس.
الثاني: وإما أن تعتقدوا أن هذا ابتلاء من الله وامتحان، فإن الله قد يبتلي بعض عباده الصالحين، ويكون من آثار هذا الابتلاء ابتلاؤهم في الصبر أو عدمه، فالله تعالى يقول: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج:11] ، فإذا أصبتم بهذا وعرفتم أنه ابتلاء لضعف الإيمان أو لقوة الإيمان فصبرتم وصابرتم واحتسبتم، ولم يكن في ذلك شيء من الجزع ولا التشكي ولا إظهار شكاية الله على عباده أو خلقه فإن هذا دليل على الصبر، و (من تصبر يصبره الله تعالى) .
الثالث: أن يكون لرفع الدرجات، فإذا قلتم: نحن مستقيمون، وليس عندنا معاصٍ، وبيوتنا مطهرة، وليس فيها آلات لهو، ولم يكن عندنا في بيوتنا من يعصي الله تعالى طرفة عين، ونحن من أفضل الناس وأشدهم طواعية وأكثرهم أعمالاً حسنة، ومع ذلك كيف يسلط علينا ذلك؟! فنقول: هذا لرفع درجاتكم، فاصبروا واحتسبوا إلى أن يجعل الله لكم مخرجاً.
ثم نقول بعد ذلك: عليكم بفعل الأسباب المباحة، وهي كثيرة، فإذا لجئوا إلى كثرة الذكر قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم.
فهذا من أساب إزالة هذا البأس وإبطال هذا العمل، كذلك أيضاً إذا أكثروا من قراءة كتاب الله تعالى ولهجوا بقراءته كان هذا من الأسباب في إبطال هذه الأعمال الشيطانية، كذلك أيضاً إذا أكثروا من دعاء الله تعالى في ليل ونهار، ورفعوا أكف الضراعة إلى الله تعالى كان هذا من أساب الشفاء وإزالة هذه الأشياء، وأما أنهم يلجئون إلى السحرة ويقولون: نريد أن نذهب إلى ساحر حتى يبطل عمل هذا السحر فإن هذا مما لا تقره الشريعة، وإنما لم يحصل الشفاء لبعض الموانع.