Q هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه أم لم يره؟
صلى الله عليه وسلم هذه من المسائل التي اختلف فيها السلف؛ فروي عن ابن عباس إثبات الرؤية، وروي عن عائشة إنكارها بشدة، ولما سألها بعض التابعين: هل رأى محمد ربّه قالت: (لقد وقف شعري مما قلت) ، ثم ذكرت أنه ما رأى ربه في الدنيا، ثم استدل عليها بآية في سورة النجم {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم:13] ، وآية في سورة التكوير {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير:23] فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين) ، فالضمير في {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير:23] يعود إلى ملك الوحي، وهذا هو القول الصحيح أنه ما رآه في الدنيا، وذلك لأن الله تعالى منع موسى من الرؤية، وأخبر أنه لا يثبت أمام رؤيته كما لم يثبت الجبل، وأن خِلقة الإنسان في الدنيا لا تمكنه من الثبوت لجلال الله تعالى وعظمته.
وورد أيضاً في صحيح مسلم حديث أبي ذر: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه) ، وفي رواية: (رأيت نوراً) .
فأثبت أن هناك نوراً يمنع أن يتمثّل الإنسان أمام هذا النور، وقد ذكرنا قوله عليه الصلاة والسلام: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) .
فالراجح أنه ما رأى ربه، والأحاديث التي فيها أنه رآه محمولة على أنها رؤيا منامية، والرؤيا المنامية لا تدل على أنها رؤيا حقيقية.