إليها أحداً، ولا تكون محطته إلا لإحدى ثلاث خصال: إما خيانة في نفس المملكة، وإما خيانة في حرمة، وإما خيانة في نفسه بإفشاء سر يعود بضرر، ولا يعتقد الفضل ذنباً يعادي به بني العباس، فيحاول نقل الخلافة منهم إلى غيرهم، فقد سلم من الخيانة في المملكة، وليس الفضل بمستهتر يجرم نفسه بإفشاء سر يعود منه ضرر وهو آمن منه، لأن المعروف منه أن يؤثر دنيا أمير المؤمنين على دنيا نفسه وعلى آخرته أيضاً؛ فقال علي بن المأمون: فقد ظهرت خيانة الفضل في الأموال! فقال إبراهيم: ليس من خان أمير المؤمنين مالاً يعد عدواً، لأن الناس كلهم إلا من عصم الله يرغبون في الأموال، ويقوى بها على خدمة السلطان، ومن بلغ منزلة الفضل لم يسأ به الظن! فاستحسن المعتصم ما كان من إبراهيم وشكره له الفضل بن مروان، وندم على ما كان أسلفه من المكروه.
قول إبراهيم بن المهدي: لا تكون محطته إلا لإحدى ثلاث خصال من قول المأمون: يحتمل الملوك كل شيء إلا ثلاثة: القدح في الملك وإفشاء السر والتعرض للحرم.
ثم اتصلت مطالبة الفضل والسعاية به، وقيل للمعتصم: إنه يفعل وأنت خليفة كما كان يفعل وأنت أمير، لا يهابك! فنكبه، وكان يقول: عصى الله وأطاعني فسلطني الله عليه؛ ومما قيل في نكبته: