وشبيه ثناء زياد على الحجاج ثناء أبي دلف العجلي على عبد الله بن طاهر عند المأمون، حين دخل عليه بعد الرضا عليه، فسأله عن عبد الله بن طاهر، فقال: خلفته يا أمير المؤمنين أمين غيب، نصيح جيب، أسداً فينا قائماً على براثنه، يسعد به وليك، ويشقى به عدوك، رحب الفناء لأهل طاعتك، ذا بأس شديد لمن زاغ عن قصد محبتك، قد فقهه الحزم وأيقظه العزم، فقام في بحر الأمور، على ساق التشمير، يبرمها بأيده وكيده، ويفلها بحده وجده، وما أُشبهه في الحرب إلا بقول عباس بن مرداس:
أكرّ على الكتيبة لا أُبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها
والمأمون في خلفاء بني العباس أغزرهم علماً، وأشهرهم حلماً، وكان يقول: لو علم الناس لذتنا بالعفو لتقربوا إلينا بالجرائم! وقال لعمه إبراهيم بن المهدي: لقد حببت إلي العفو حتى خفت ألا أُؤجر عليه!