حكى يزيد المهلبي أن يحيى بن خالد رقي إليه عن حجر بن سليمان الكاتب الحراني أمور، فكان عليه لها مغيظاً، فلما وجه الرشيد يحيى إلى حران ليقتل من هنالك من الزنادقة، ضاق بحجر منزله، فكتب إلى يحيى: أما بعد فإنك لما حللت بأرضنا، وقرب مزارك منا، اعتلج بقلبي أمران؛ أما أحدهما فالاستتار منك وخفض الشخص في عسكرك؛ وأما الآخر فالإصحار لك والرضا بحكومتك، فاعتلى الرجاء لعفوك الخوف من بادرتك، وعلمت أني لم أُعجزك فيما مضى من سالف الأيام، ولأنت أعظم شأناً من الذي لم تعد قدرته الحيرة، إذ يقول له النابغة:
فإنّك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
فأنا أسألك مسألةً، يعظم الله عليها أجرك، ويجزل عليها ذخرك، وأسألك بحق نعم الله إلا بللت ريقي بعفوك، وفرجت الضيقة التي لزمتني بعطفك. فكتب إليه يحيى بالأمان له والعفو عنه.
وفي الكتاب المعرب عن المغرب، أن حجر بن سليمان هذا، كان من أفصح الناس، مع أدب الكتابة وظرفها، فلما ولي يزيد بن مزيد الشيباني