بالأندلس أن عبد الملك بن مروان قال يوماً لأبنه الوليد: لو عداك ما أنت فيه ما كنت معولاً عليه من دهرك؟ قال: فارس حرب! ثم قال لسليمان: فأنت؟ قال: كاتب سلطان! ثم قال ليزيد: فأنت؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما تركا حظاً لمختار! وعالم لا تحصى أسماؤهم سموا بالبيان، وبنوا بيوت مجدهم بالأقلام أوثق البنيان؛ ثم إلى هذه الحسنى زيادة، لها بشرف الصناعة إشادة، وهي ما غني عن الاستقصاء بالاستقراء، من تقصي العصر بعد العصر، عن أفراد من الكتاب، وأعداد من الشعراء، أم الصقر مقلاة نزور، وقلما تلاقى الفنان: منظوم ومنثور، فإذا جمعا في واحد، لم تجد لفضله من جاحد؛ وصنف منهم حساب، لا تقع بغير كفايتهم أحساب؛ بينهم من حمل اليراع وفضل الطباع أسباب واصلة وأنساب. قليلاً ما يخلو من صدورهم صدر ديوان، ولا تخلو محاسنه إلا تلا إحسانهم وجه أوان، وكثيراً ما احتملت بوادرهم، واستحليت نوادرهم، وقبلت جيئاتهم وأوباتهم، واستدركت أخذاتهم ونكباتهم، إلى ما سدل عليهم من أثواب الرعايات، وسد عنهم من أبواب السعايات. وقد عفا رسول الله