واستوسق له أدنى الشرف وأقصاه، وهو أحد من سودته براعته، ولم توجد بداً من اصطناعه صناعته، وكان في أول أمره قد كتب لإسحق بن علي بن يوسف ابن تاشفين فلما دخلت مراكش عنوة من جهة باب إيلان يوم السبت الثامن عشر لشوال سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، وقتل إسحق وطائفة من أصحابه، توارى أبو جعفر ودخل في غمار الناس، وبلغ به الجد في الاستخفاء والاستتار إلى أن ارتسم في المرتزقين من الرماة ليتبلغ بما يجرى عليه، إلى أن ثار الدعي المعروف بالماسي واستفحل أمره، فنهد إليه الأمير المعظم المجاهد المقدس المبارك الأرضى المرحوم أبو حفص ناصر دعاية التوحيد المحفوف الراية بالظهور والتأييد، الذي حبيت بالمضاء صوارمه وصرائمه، وسبيت له من كل ذي كفر وغي كرائمه، فقتله الله على يديه وانهزم أصحابه، وذلك يوم الخميس السادس عشر لذي الحجة سنة اثنتين وأربعين، وأمر رضوان الله عليه بإحضار مخاطب عنه بذلك الفتح العظيم والمنح الجسيم، فنبه على أبي جعفر وقد أخفى نفسه في رماة العسكر، وتنكر جهده وهو المعروف غير المنكر، فدعا به لسعادته، وأوعز إليه بإرادته، فكتب رسالته التي أورثته تشريفاً