إليه برسالة إلى بعض خلفائه من رؤساء الجزيرة، فجعل أبو محمد يتفادى منها ويتثاقل عنها؛ قال: ولما انسل من يد عباد انسلال الطيف، ونجا وسله كيف، رجع إلى مستقره من الشرق، وأدار الحيلة على أبي عمر بن الحذاء، فعوضه بضياعه وعقاره، وزين له اللحاق بدار بواره وسوء قراره؛ وقد كان عباد قبل ذلك يستهويه ويستدرجه ويدليه، فلما طلع عليه لم يزد على أن اسره وقصره وأظهر من الزهد فيه أضعاف ما كان يعده ويمنيه، وجعل أبو محمد بعد ذلك يتنقل في الدول، كالبدر يترك منزلاً عن منزل، وقد جمع التالد إلى الطارف، وكتب عن أكثر ملوك الطوائف.
حكى ابن بسام أنه نشأ في دولة المعتضد؛ قال: وشهر بالعفاف فلزمه، ويسر للعلم فعلمه وعلمه، وكانت له نفس تأبى إلا مزاحمة الأعلام، والخروج على الأيام، وهو دائماً يغض من عنانها فتجمح، ويطأطيء من غلوائها فتتطاول وتطمح، ممتنعاً