اعتاب الكتاب (صفحة 167)

الله بن أحمد المكوي أحد حكام قرطبة ظفر أحجن أداه إلى السجن، فألقى نفسه يومئذ على أبي الوليد ابن جهور في حياة والده أبي الحزم، فشفع له وانتشله من نكبته، وصيره في صنائعه.

وذكر غيره أنه خاطب ابن جهور من معتقله برسالة يقول فيها: إن سلبتني أعزك الله لباس إنعامك، وعطلتني من حلي إيناسك، وغضضت عني طرف حمياتك، بعد أن نظر الأعمى إلى تأميلي لك، وسمع الأصم ثنائي عليك، وأحس الجماد باستنادي إليك، فلا غرو فقد يغص بالماء شاربه، ويقتل الدواء المستشفي به، ويؤتى الحذر من مأمنه، وإني لأتجلد فأقول: هل أنا إلا يد أدماها سوارها، وجبين عضه إكليله، ومشرفي ألصقه بالأرض صاقله، وسمهري عرضه على النار مثقفه، والعتب محمود عواقبه، والنبوة غمرة ثم تنجلي، والنكبة سحابة صيف عن قريب تقشع، وسيدي وإن أبطأ معذور:

وإن يكن الفعل الذي ساء واحداً ... فأفعاله اللائي سررن ألوف

وليت شعري ما الذنب الذي أذنبت ولم يسعه العفو! ولا أخلو من أن أكون بريئاً فأين العدل؟ أو مسيئاً فأين الفضل؟ وما أراني إلا لو أُمرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015