قال: وأخذ والدك الرقعة فلما رأى التوقيع تمادى على ما بدأ به من الأمر بإطلاقه، ونظر إليه المنصور متمادياً على الكتابة، فقال: ما تكتب؟ قال: بإطلاق الرجل، فغضب غضباً شديداً أشد من الأول، وقال: من أمرك بهذا؟ فناوله الرقعة، فرأى خطه، فخط على ما كتب، وأراد أن يكتب يصلب فكتب يطلق فأخذ والدك الكتاب فنظر ما وقع به، ثم تمادى على ما كان بدأ به، فقال له: ماذا تكتب؟ قال: بإطلاق الرجل، وهذا الخط ثالثاً، فلما رآه عجب وقال: نعم يطلق على رغمي، فمن أراد الله إطلاقه لا أقدر أنا على منعه! أو كما قال.
عتب عليه المنصور أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر، وكان في الغاية من البيان والخطابة، فصرفه عن الكتابة، ثم أخرجه من قرطبة واعتقله بإحدى القلاع المنيعة بشرق الأندلس، فقال في ذلك: