الوزير! وجعل يشكو ما لحقه وأخاه، فهدأه وسكنه، وأمره بالجلوس، فلما زال عنه الروع أخذ معه في أمر العمل وما يحتاج إليه، فاتصل كلامه وانبسط في ذكر الأموال والعمال انبساط رجل جالس في الصدر، وجعل يقول: ناحية كذا مبلغ مالها كذا، وهي كذا، وعاملها فلان من حاله كذا، وناحية كذا عاملها فلان ينبغي أن يشد بمشرف أو شريك، حتى أتى على الآفاق.. فتهلل وجه عبيد الله وقال له: اعتزل واعمل عملاً بما قلت به! فاعتزل علي ومعه أحد الكتاب، فأملى عليه ما طلب وجاء بالعمل، ثم كلم الوزير في أمره وأمر أخيه، فأمر بحل قيودهما والتوسعة عليهما، وقال لهما: لن يبعد خلاصكما، وأنا أسأل المعتضد في أمركما، ارجعا إلى موضعكما، والتفت إلى من حضر فقال: أرأيتم مثل هذا الفتى قط يعني ابن الفرات والله لا فارقت الأمير أو استوهبهما منه، فإني أعلم أن الملك لا يقوم إلا بهما، فأطلقهما بعد أيام واستعملهما.
ويقال إن عبيد الله قيل له: إن أردت أن يتمشى أمرك فأطلق ابني الفرات واستعن بهما؛ فنهض إلى المعتضد وأعلمه أن هؤلاء القوم قد داسوا الدنيا وعلموا أعمالها، قال: وكيف تصلح لنا نياتهم، وقد نكبناهم؟ فقال: إذا رددت ضياعهم واستخلصتهم صلحوا! فقال: إنهم غير مأمونين في السعي عليك والإفساد بيني وبينك، وأمرهم إليك؛ فخرج وأحضر أحمد بن محمد، فأدناه وآنسه،