الزيات، وهو يطالبني بمال، وأنا مقيد منكوب بين يديه، في جبة صوف، وكان أخي الحسن يكتب له، ولم يكن يتهيأ له شيء في أمر، إلا أنه كان إذا رآني مقبلاً استقبلني، وإذا رآني قد رجعت إلى موضعي شيعني، إذ أقبل خادم له ومعه ابن له صغير، فقام إليه كل من في المجلس، وجعلوا يقبلونه ويدعون له، ولم أتحرك أنا لما كنت فيه، فقال لي يا أبا سليمان لم لم تفعل بهذا الصبي ما فعله من كان في المجلس؟ فقلت له: لشغلي ببلائي! فقال: لا ولكن لعداوتك له ولأبيه، وكأني بك وقد أملت في ابنك عبيد الله الآمال، والله لا رأيت ما تؤمله فيه أبداً! وزاد في الحمل علي والدعاء بما يسوءني، فقلت في نفسي: إنه قد بغى علي، وإني أثق بالله! فلم يمض إلا قليل حتى سخط عليه المتوكل، وقلدني مناظرته وإحصاء متاعه، فوافيت داره، ورأيت ذلك الصبي مع ذلك الخادم بعينه، والصبي يبكي، فقلت للخادم: ما خبره؟ فقال: قد منع من جميع ماله! فقلت: لا بأس عليه؛ ودخلت فسلمت إليه كل ما كان باسمه؛ ثم قال لي: يا بني إن تهيأت لك حال ورأيت ذلك الصبي فأحسن إليه لتقابل نعمة الله عندي وعندك، فلما رأيته تذكرت ما قال أبو أيوب، وامتثلت فيه أمره، ثم صرفه عبيد الله وأقبل عليه إلى أن استخلفه في دار بدر.