ولأحمد من حديث ابن عمرو: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك"، قالوا: فما كفارة ذلك؟، قال: "أن تقولوا: اللهم لا خير إلاَّ خيرك، ولا طير إلاّ طيرك، ولا إله غيرك ".
وله من حديث الفضل بن العباس: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردّك".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتعالى، ثم المُضي وعدم التردُّد، فإن تأثر بالطيَرة التي وقعتْ في نفسه وقعد عن الخروج، أو فرّ من المكان الذي تطيّر منه؛ فهذا هو الطيَرة المذمومة، لأنها أثّرْت فيه فمضى أو رجع.
وقوله: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" فيه أن التطير الذي يرد ويمنع الإنسان عن حاجته شرك.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطيرة: ما أمضاك أو ردّك" "ما أمضاك" يعني، ما نفّرك من المكان، أو من الشخص، أو من المرئي الذي رأيته، وفررْت منه تأثراً بالطيْرة فهو شرك.
"أو ردّك" أي: عن حاجتك، كأن تريد أن تسافر ولَمّا رأيت الثعلب أو الغراب أو فلاناً الذي تكره قلت: هذا سفر ليس بحسن أو طيّب. ورجعت عنه وهذا هو التطيُّر، وهو شرك. والواجب عليك حينما حصل لك هذا الشيء وكرهته في نفسك أن ترفضه متوكِّلاً على الله تعالى وأنْ تمضيَ في حاجتك.
ثم بيّن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما تُعالجَ به الطيَرة، وهو ثلاثة أمور:
الأمر الأول:- وهو الأصل-: التوكُّل على الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يأتي بالخير ولا يدفع الشر إلاّ هو سبحانه وتعالى، وهو الذي يأتي بالخير ويدفع الشر، وهو الذي يضرُّ وينفع، وهو الذي يتصرف في الكون فإذا توكّل على الله فإن الطيرة لا تضره.
الأمر الثاني: أنْ يمضيَ في حاجته التي أرادها، ولا يرجع عنها بسبب الطيَرة.
الأمر الثالث: الدعاء، بأن يدعوَ الله بالدعاء الذي أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أن يقول: "اللهم لا يأتي بالحسنات إلاَّ أنت، ولا يدفع السيّئات إلاَّ أنت، ولا حول