من أكثر ماله حرام، ولا الاكل منها - كما صححه في المجموع -.
وأنكر النووي قول الغزالي بالحرمة، مع أنه تبعه في شرح مسلم.
ولو عم الحرام الارض جاز أن يستعمل منه ما تمس حاجته إليه، دون ما زاد.
هذا إن توقع معرفة أربابه.
وإلا صار لبيت المال، فيأخذ منه بقدر ما يستحقه فيه - كما قاله شيخنا.
(فرع) نذكر فيه ما يجب على المكلف بالنذر.
وهو قربة - على ما اقتضاه كلام الشيخين، وعليه كثيرون -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصرف النهي عن الحرمة: خبر الشيخين عن ابن عباس: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجرته.
فلو كان حراما لم يعطه.
وخرج بمخامرة النجاسة غيرها.
فلا يكره ما كسب بفصد، وحياكة، وحلاقة، ونحوها وإن كانت الصنعة دنيئة وهذا مبني على أن علة الكراهة في الأول خبث النجاسة وهو المعتمد أما على أنها دناءة الحرفة: فيكره كسب كل ذي حرفة دنيئة، ولو لم يخامر نجاسة وهو ضعيف والكلام في تعاطي الكسب.
أما أصل الحرفة: فهي فرض كفاية.
ولما حجم أبو العتاهية شخصا أنشد: وليس على عبد تقي نقيصة * * إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم (قوله: ولا تحرم إلخ) عبارة التحفة: يسن للإنسان أن يتحرى في مؤنة نفسه وممونه ما أمكن.
فإن عجز ففي مؤنة نفسه، ولا تحرم معاملة إلخ.
اه.
ومع عدم الحرمة يكره ذلك كما نبه الشارح عليها في آخر باب الزكاة ونص عبارته هناك: (فائدة) قال في المجموع: يكره الأخذ ممن بيده حلال وحرام.
كالسلطان الجائر وتختلف الكراهة بقلة الشبهة وكثرتها، ولا يحرم إلا أن تيقن أن هذا من الحرام.
وقول الغزالي: يحرم الأخذ ممن أكثر ماله حرام، وكذا معاملته شاذ.
اه.
(قوله: ولا الأكل منها) أي ولا يحرم الأكل من المعاملة المذكورة، أي مما تحصل منها.
(قوله: كما صححه) أي عدم الحرمة.
(قوله: مع أنه) أي النووي.
وقوله: تبعه أي الغزالي في شرح مسلم.
(قوله: ولو عم الحرام الأرض) أي استوعب الحرام الأرض ولم يوجد فيها حلال.
(قوله، جاز أن يستعمل منه) أي من الحرام.
(قوله: ما تمس حاجته إليه) أي الشئ الذي تدعو حاجته إليه، قال ع ش: وإن لم يصل إلى حد الضرورة.
اه.
(قوله: دون ما زاد) أي على القدر الذي تمس الحاجة إليه.
(قوله: هذا) أي ما ذكر من جواز الاستعمال من الحرام بقدر ما تمس الحاجة إليه، لا ما زاد.
وقوله: إن توقع أي ترجى.
وقوله: معرفة أربابه أي أصحاب ذلك المال الذي يحرم الاستعمال منه.
(قوله: وإلا) أي وإن لم يتوقع معرفتهم.
(قوله: صار لبيت المال) أي انتقل لبيت المال، فيكون لجميع المسلمين حق فيه.
(قوله: فيأخذ منه) أي من المال الذي صار لبيت المال.
وقوله: بقدر ما يستحقه فيه أي بقدر ما يخصه من بيت المال لو قسمه الإمام وأعطاه منه.
(قوله: كما قاله شيخنا) أي في التحفة، ومثله في النهاية.
(تتمة) في إعطاء النفس حظها من الشهوات المباحة مذاهب ذكرها الماوردي، أحدها: منعها وقهرها كي لا تطغى.
والثاني: إعطاؤها تحيلا على نشاطها وبعثا لروحانيتها.
والثالث: قال وهو الأشبه - التوسط، لأن في إعطاء الكل سلاطة، وفي منع الكل بلادة.
اه.
عميرة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
(قوله: فرع: نذكر فيه ما يجب إلخ) اعلم أن معظم الفقهاء يذكر النذر بعد الإيمان، وذلك لما بينهما من المناسبة، وهي أن كلا منهما عقد يعقده المرء على نفسه تأكيدا لما أراد أن يلتزمه، ولأن بعض أنواع النذر فيه كفارة يمين.
والمؤلف رحمه الله خالفهم وذكره هنا تبعا لبعضهم، وله وجه أيضا في ذلك، وهو أن الحج قد يكون منذورا، وكذلك الأضحية قد تكون منذورة، فناسب أن يستوفي الكلام على ما يتعلق بالنذر.
(قوله: بالنذر) الباء سببية متعلق بيجب، وهو لغة: الوعد بخير أو شر.
وشرعا: ما سيذكره وأركانه ثلاثة: ناذر، ومنذور، وصيغة.