أن هدانا الله) إليه والحمد هو الوصف بالجميل (والصلاة وهي من الله الرحمة المقرونة بالتعظيم (والسلام) أي التسليم من كل آفة ونقض (على سيدنا محمد رسول الله) لكافة الثقلين، الجن والانس

ـــــــــــــــــــــــــــــ

تعالى، كما في قوله تعالى: * (اهدنا الصراط المستقيم) * وهي المنفية عنه - صلى الله عليه وسلم - في قوله: * (إنك لا تهدي من أحببت) *.

والثانية تسند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما في قوله تعالى: * (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) *.

وإلى القرآن، كما في قوله تعالى: * (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) *.

وإلى غيرهما.

وهي هنا موصلة بالنسبة لما وجد منه، وهو البسملة والحمدلة

ونحوهما، وغير موصلة بالنسبة لما سيوجد، وهذا إذا كانت الخطبة متقدمة، فإن كانت متأخرة عن الكتاب فالدلالة موصلة لا غير.

والمشهور أن دل يتعدى بعلى، وهدى يتعدى بإلى، فكيف يفسره به؟ وأجيب بأن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر لا يلزم أن يعدى بما تعدى به ذلك الفعل.

(قوله: وما كنا الخ) الواو للحال أو للاستئناف، وكان فعل ماض لنهتدي، اللام زائدة لتوكيد النفي، والفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد لام الجحود.

والمعنى: لنهتدي لما عليه من الخير الذي من جملته هذا التأليف، أو لنهتدي لهذا التأليف.

ولولا: حرف امتناع لوجود.

وأن هدانا الله في تأويل مبتدأ خبره محذوف وجوبا، أي لولا هداية الله لنا موجودة.

وجواب لولا محذوف دل عليه ما قبله، أي ما كنا مهتدين.

والمعنى: امتنع عدم هدايتنا لوجود هداية الله لنا.

اه جمل.

(قوله: والحمد هو الوصف بالجميل) أي لغة.

وأما عرفا: فهو فعل ينبئ عن تعظيم المنعم إلى آخر ما تقدم.

(فائدة) اختلف العلماء في الأفضل، هل الحمد لله أو لا إله إلا الله؟ فذهب طائفة إلى الأول، لأن في الحمد توحيدا وحمدا، وفي لا إله إلا الله توحيدا فقط.

واحتجوا بحديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما مرفوعا: من قال لا إله إلا الله كتبت له عشرون حسنة، وحط عنه عشرون سيئة.

ومن قال الحمد لله رب العالمين كتبت له ثلاثون حسنة، وحط عنه ثلاثون سيئة.

وذهبت طائفة إلى الثاني، لأنها تنفي الكفر، وعنها يسئل الخلق.

واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: مفتاح الجنة لا إله إلا الله.

وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله.

وبقوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.

وأجابوا عما في حديث أبي هريرة بأن العشرين الحسنة التي ذكرت لقائل لا إله إلا الله، وإن كانت أقل عددا من الثلاثين، هي أعظم كيفا.

اه ملخصا من حاشية شيخنا، العارف بربه المنان، السيد أحمد بن زيني دحلان، على متن الزبد.

(قوله: وهي من الله الرحمة) أي ومن غيره سبحانه وتعالى الدعاء، ودخل في الغير جميع الحيوانات والجمادات، فإنه ورد أنها صلت وسلمت على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما صرح به العلامة الحلبي في السيرة.

وما ذكر من أن الصلاة تختلف باختلاف المصلي هو مذهب الجمهور، ومقابله ما ذهب إليه ابن هشام من أن معنى الصلاة أمر واحد وهو العطف، بفتح العين، ولكنه مختلف باختلاف العاطف.

فهو بالنسبة لله الرحمة، وبالنسبة لما سواه تعالى - من الملائكة وغيرهم - الدعاء.

وينبني على هذا الخلاف أن الصلاة من قبيل المشترك اللفظي على الأول، والمشترك المعنوي على الثاني.

(قوله: أي التسليم) إنما قال ذلك لأن السلام من أسمائه تعالى فربما يتوهم أنه المراد، فدفعه بما ذكر فيكون من إطلاق اسم المصدر على المصدر.

اه بجيرمي.

وفسره بعضهم بقوله: السلام هنا بمعنى الأمان والإعظام وطيب التحية اللائقة

بذلك المقام.

وجمع بين الصلاة والسلام امتثالا لقوله تعالى: * (يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * وخروجا من كراهة إفراد أحدهما عن الآخر لفظا أو خطا.

وشروط كراهة الإفراد - عند القائل بها - ثلاثة: أن يكون الإفراد منا، فلا يكره ذلك في ثناء الله والملائكة والأنبياء، كقوله تعالى: * (إن الله وملائكته يصلون) * ولم يقل ويسلمون.

وأن يكون في غير ما ورد فيه الإفراد فلا يكره فيما ورد مفردا، كحديث: من قال يوم الجمعة ثمانين مرة: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015