وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذي المحارم. وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا حجاب يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل اللَّه - عز وجل - آية الحجاب بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} حجب النساء عن الرجال وكان ذلك لما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش، فأرخى النبي - صلى الله عليه وسلم - الستر ومنع أنساً من أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك على خيبر قالوا إن حجبها فهي من نساء المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها، فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، «والجلباب» هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره (الرداء)، وتسمية العامة (الإزار الكبير) الذي يغطي رأسها ويستر بدنها، وقد حكى عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، وجنسه «النقاب»، فكان النساء ينتقبن، وفي الصحيح «أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين» (?)، وإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه بالنقاب كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن