المقالة الحادية والستون:
وكفى به من حسيب
ما كان في ذمتك من فرض فاقضه، وما كان لك من خصم على وجه الأرض فأرضه. ولا تقل أيان، ألاقي الديان. فإنك ملاقيه عما قريب. فمحاسب به وكفى به من حسيب. والله والله الخصم الألد، وله المحال الأشد. وحسبك بربك خصيماً، فلا تزدد عليه خصوماً. وبعصيانك إياه رصماً فلا تضمم إليه وصوماً، وهب أنك تقول ربي الأكرم. فما تقول فيمن هو من اللؤم ألأم.
المقالة الثانية والستون:
اتق الله
رحم الله امرأً رئم أبويه ورحم، واتقى الله الذي يناشد به والرحم. وألف في يساره وعسرته، من عرف بخلافه من أسرته. لم يحمله ذلك على أن يطوي عنه كشحاً، أو يضرب عن تعهده صفحاً. أو يشق عليه ويشق له العصا، إلى أن يترك الرمي من ورائه بالحصى. ألا إن الأُلفة مع العشيرة، من الكلفة العسيرة. والحُر من يحامي على ذوي القربى، ولا يتحاماهم الأملس للجربى. وليس كذلك إلا فرع نبعة معدّيّة، وذو نفس مستهدية مهدية.
المقالة الثالثة والستون:
منهل العدل الصافي
ما شرب رنقاً بعد صاف، كمدفوع إلى جور بعد إنصاف. منهل العدل أصفى من المرآة بعد الصقال، ومن قريحة البليغ الصائب في المقال. ومورد الجور أكدر من هناء الطال، ومن الوعد الممزوج بالمطال. المنصف يبغض حقّ أخيه فيولّيه، والجائر مشغوف به فلا يخلّيه.