المقالة الثالثة والخمسون:
الثقة بالطبيب
ثقتك بقول الطبيب مرض أشد من مرضك، وأبعد لك في الانتهاء إلى غرضك. فإن مرضت فابدأ بصبرك، وثنّ بالشكر على حلوك ومرّك. فإن استعزّ بك الوصب، واستفزك النصب. فارفع يديك إلى من يداويك، ولا يداويك إلا من يدويك. وإنما يشفيك التحنّي له والخشوع، ليس يوحنّا وبختيشوع. ما الطبيب إلا تابع تجربته، وبائع ما في أجربته. وربما أدبرت بك تدابيره، وعقرتك عقاقيره. فدع الأطباء، غير الألبّاء. فأكثرهم إما عبد الطبيعة، وإما عابد البيعة.
مل عن القسوط مع الأقساط، وعليك من الأمور بالأوساط. ودع الغلو والتقصير، إلى القصد، وقدّر تقدير داود في السرد. وتكلف من الطاعة، ما دون الاستطاعة. فمن أولاها الطاقة كلها، أوشك أن يملها. وادع نفسك النقرى، لا ترجع القهقري. فلأن تترك فيها بقية، خير من أن تجدها بطيّة. ولا تنس حظها من الجمام، فذلك سبب التمام والسلام.
المقالة الخامسة والخمسون:
المطيق والمنطيق
رُبّ مُطيق يود غداً لو لم يكن بمطيق، ومنطيق يقول ليتني كنت غير منطيق. وقد يجوز على الصراط من هو مُفحم، والمفوّه في كبة النار مقحم. وما يدريك لعل باقلاً وائل، ويسحب على وجهه سحبان وائل. فلا تغبطن الخطيب المشقق فلعل