المقالة الخامسة والأربعون:
حزناً على التفريط
من لم يحفظ ما بين فكيه، ظلّ يقلب كفيه. وبات يتململ على دَفّيه، حزناً على ما فرّط فيه من التحفظ. وأسفاً على ما فرط منه من التلفظ، ولو كان اللسان مخزوناً. لم يكن الفؤاد محزوناً، وقلما يحرس مهجته. من لا يُخرس لهجته. ولن تجد على السر أميناً. إلا من كان بكل أمانة قمينا.
المقالة السادسة والأربعون:
أمر الله للروح الأمين
أمر الله الروح الأمين، أن يضج مع الملائكة بآمين. إذا دعا المتقي لأخيه بظهر الغيب، عن نصوع القلب ونصوح الجيب. على أن الأخوة في الله يستوي فيها المحضر والمغيب، ولا يختلف في مراعاتها البعيد والقريب. وذلك لأن المعني فيها واحد وإن اختلفت بصاحبها الأحوال، وتصرّف به الحلّ والترحال. وهو القصد بها إلى وجه الله الكريم، والإعراض عن كل عرض لئيم.
المقالة السابعة والأربعون:
الحازم
الحازم من لم يزل على جده، لم يزل عنه إلى ضده. وذو الرأي الجزل، من ليس في شيء من الهزل. وكيف يكون حازماً من هو مازح، هيهات البون بينهما نازح. وكفاك أن المزح مقلوب الحزم، كما أن الحزم مقلوب المزح. رُب كلمة غمستك في الذنوب، وأفرغت على أخيك ملء الذنوب. فإن كان حراً زرعت الغمر في سويدائه، وإن كان عبداً نزعت المهابة من