وفي غزوة أحد رد صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج وهو في الخامسة عشرة من عمره، فقيل: يا رسول الله إن رافعًا يجيد الرمي، فأجازه صلى الله عليه وسلم1 فجاء سمرة بن جندب الغزاوي مظهرًا عتابه للرسول -صلى الله عليه وسلم- لرده إياه من صفوف المقاتلين ولإجازته لرافع ولو تصارعا لصرع سمرة رافعًا، فأجازهما -صلى الله عليه وسلم- على ما أبديا من روح نبيلة، ومنافسة طيبة.
وفي هذه الغزوة رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وعمرو بن حزم وأسيد بن ظهير2 لصغر سنهم جميعًا.
الشرط الثالث: الذكورة:
حينما اتضحت فضيلة الجهاد والمجاهدين تطلعت أنظار النساء حبًّا إلى تلك الفضيلة، ورنت أفئدتهم شوقًا لثواب الله العظيم، متمنيات أن يشاطرن الرجال العطاء الكبير والأجر الكثير، وسارعن يستفسرن عن نصيب المرأة من الجهاد، فها هي ذي السيدة عائشة -رضي الله عنها- تسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن تجاهد: "يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ فقال لها رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "لكن أفضل الجهاد حج مبرور" 3.
ونص الحديث هو: أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت:"استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجهاد فقال: "جهادكن الحج" 4, وجاءت نسوة كثيرات غير السيدة عائشة يسألن عن جهاد المرأة على نحو ما روت عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله نساؤه عن الجهاد فقال: "نعم الجهاد الحج" 5.
فدل هذا على أن الجهاد غير واجب على النساء، قال ابن حجر العسقلاني: "وقوله "جهادكن الحج" لا يدل على أنه ليس لهن أن يتطوعن