الْجَلْدِ، وَنَسْتَدِلُّ عَلَى غَلَطِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا.

وَقَالَ أَيْضًا: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: كَانَ حَمَّادٌ - يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ - يُضَعِّفُ الْجَلْدَ، وَيَقُولُ لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ الْحَدِيثَ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ إِلَى الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ فِي الْحَائِضِ، فَذَهَبْنَا نُوقِفُهُ، فَإِذَا هُوَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَائِضِ، وَالْمُسْتَحَاضَةِ. وَرَوَى أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَاصِمٍ، عَنِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ فَضَعَّفَهُ جِدًّا، وَقَالَ: كَانَ شَيْخًا مِنْ مَشَايِخِ الْعَرَبِ تَسَاهَلَ أَصْحَابُنَا فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ كَانُوا يُنْكِرُونَ حَدِيثَ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، وَيَقُولُونَ: شَيْخٌ مِنْ شُيُوخِ الْعَرَبِ لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وَأَهْلُ مِصْرِهِ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ. قَالَ يَعْقُوبُ: وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَصَدَقَةَ بْنَ الْفَضْلِ، وَإِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضَعِّفُونَ الْجَلْدَ بْنَ أَيُّوبَ، وَلَا يَرَوْنَهُ فِي مَوْضِعِ الْحُجَّةِ، وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا جَلْدٌ؟ وَمَنْ جَلْدٌ؟ وَمَنْ كَانَ جَلْدٌ؟ وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَ الْجَلْدَ بْنَ أَيُّوبَ، فَقَالَ: لَيْسَ يَسْوَى حَدِيثُهُ شَيْئًا، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. اهـ. وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي تَضْعِيفِ هَذَا الْأَثَرِ ; لِأَنَّهُ أَقْوَى مَا جَاءَ فِي الْبَابِ عَلَى ضَعْفِهِ كَمَا تَرَى. وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الْكُبْرَى ": رُوِيَ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ أَحَادِيثُ ضِعَافٌ قَدْ بَيَّنْتُ ضَعْفَهَا فِي " الْخِلَافِيَّاتِ ".

وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ: إِنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، كَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا، فَهِيَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذَلِكَ تَحْدِيدٌ مِنَ الشَّرْعِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْمُشَاهَدِ فِي الْوُجُودِ، وَالْمُشَاهَدُ أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَقِلُّ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ، قَالُوا: وَثَبَتَ مُسْتَفِيضًا عَنِ السَّلَفِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وُجُودُ ذَلِكَ عِيَانًا، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةَ، وَشَرِيكٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ النَّوَوِيُّ: " فَإِنْ قِيلَ: رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ الْمَاجِشُونِ حَاضَتْ عِشْرِينَ يَوْمًا، وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كَانَتْ تَحْتَهُ وَكَانَتْ تَحِيضُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرَيْنِ، فَجَوَابُهُ بِمَا أَجَابَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ النُّكَتِ أَنَّ هَذَيْنِ النَّقْلَيْنِ ضَعِيفَانِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015