الْمَوَادِّ وَالْعُلُومِ. وَكَانَ مَعَ الْتِزَامِهِ بِالْمَنْهَجِ وَالْحِصَصِ إِذَا تَنَاوَلَ بَحْثًا فِي أَيِّ مَادَّةٍ يَخَالُهُ السَّامِعُ مُخْتَصًّا فِيهَا، فَعَرَفَ لَهُ الْجَمِيعُ قَدْرَهُ وَتَطَلَّعَ الْجَمِيعُ إِلَى مَا عِنْدَهُ حَتَّى الْمُدَرِّسُونَ: وَقَدْ رَغِبَ الْمُدَرِّسُونَ آنَذَاكَ فِي قِرَاءَةِ بَعْضِ كُتُبِ الشَّيْخِ ابْنِ تَيْمِيَةَ وَاسْتِيعَابِ دَقَائِقِهِ فَلَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ فَضِيلَتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. خُصِّصَ لِذَلِكَ مَجْلِسٌ خَاصٌّ فِي صَحْنِ الْمَعْهَدِ بِدُخْنِهِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
فِي مَسْجِدِ الشَّيْخِ: وَفِي مَسْجِدِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بَدَأَ دَرْسُ الْأُصُولِ لِكِبَارِ الطَّلَبَةِ فِي قَوَاعِدِ الْأُصُولِ، حَضَرَهُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ وَكَانَ يَتَوَافَدُ إِلَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ الرِّيَاضِ، وَكَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْإِفْرِيقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْرُسُ الْحَدِيثَ وَكَانَ دَرْسُ الْأُصُولِ بِمَثَابَةِ فَتْحٍ جَدِيدٍ فِي هَذَا الْفَنِّ
فِي بَيْتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَمَّا كَانَ الدَّرْسُ فِي الْأُصُولِ فِي الْمَسْجِدِ عَامًّا - وَفِي الطَّلَبَةِ مِنْ خَوَاصِّهِمْ رَغِبُوا فِي دَرْسٍ خَاصٍّ فِي بَيْتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَكَانَ لَهُمْ دَرْسٌ خَاصٌّ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَكَانَ بَيْتُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَدْرَسَةٍ سَوَاءٌ لِأَبْنَائِهِ الَّذِينَ رَافَقُوهُ لِلدِّرَاسَةِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمْلَى شَرْحًا عَلَى مَرَاقِي السُّعُودِ فِي بَيْتِهِ عَلَى أَخِينَا أَحْمَدَ الْأَحْمَدِ الشِّنْقِيطِيِّ.
لَقَدْ كَانَ لِتَدْرِيسِهِ هَذَا سَوَاءٌ رَسْمِيَّا فِي الْمَعْهَدِ وَالْكُلِّيَّتَيْنِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي الْمَنْزِلِ - كَانَ لَهُ أَثَرٌ طَيِّبٌ وَنَتَائِجُ حَسَنَةٌ لَا يَسَعُ مُتَحَدِّثٌ التَّحَدُّثَ عَنْهَا بِقَدْرِ مَا تَحَدَّثَتْ هِيَ عَنْ نَفْسِهَا فِي أَعْمَالِ كَافَّةِ الْمُتَخَرِّجِينَ مِنْ تِلْكَ الْمَعَاهِدِ وَالْكُلِّيَّتَيْنِ الْمُنْتَشِرَتَيْنِ فِي أَنْحَاءِ الْمَمْلَكَةِ الْمُبْرِزِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ وَفِي أَعْلَى مَنَاصِبَ فِي كَافَّةِ الْوِزَارَاتِ.
وَلَا يُغَالِي مَنْ يَقُولُ إِنَّ كُلَّ مَنْ تَخَرَّجَ أَوْ يَتَخَرَّجُ فَهُوَ إِمَّا تِلْمِيذٌ لَهُ أَوْ لِتَلَامِيذِهِ فَهُمْ بِمَثَابَةِ أَبْنَائِهِ وَأَحْفَادِهِ وَكَفَى.
تَقْدِيرُ الْمَسْؤُولِينَ لَهُ: لَقَدْ كَانَ بِعِلْمِهِ وَنُصْحِهِ وَجُهْدِهِ وَعِفَّتِهِ مَوْضِعَ تَقْدِيرٍ مِنْ جَمِيعِ الْمَسْؤُولِينَ وَبِالْأَخَصِّ أَصْحَابُ الْفَضِيلَةِ آلُ الشَّيْخِ وَصَاحِبُ الْجَلَالَةِ الْمَلِكُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَصَاحِبُ السُّمُوِّ الْمَلَكِيِّ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ تَقْدِيرًا لَهُ. وَقَدْ مَنَحَهُ جَلَالَةُ الْمَلِكِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمْرًا بِالْجِنْسِيَّةِ لِجَمِيعِ مَنْ يَنْتَمِي إِلَيْهِ وَفِي كَفَالَتِهِ ثِقَةً بِهِ وَإِكْرَامًا لَهُ.
وَلَمَّا زَارَ الْمَلِكُ مُحَمَّدٌ الْخَامِسُ مَلِكُ الْمَغْرِبِ الرِّيَاضَ اسْتَأْذَنَ فِي صُحْبَةِ الشَّيْخِ إِلَى