وَخَاصٍّ وَمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ وَنَاسِخٍ وَمَنْسُوخٍ وَأَسْبَابِ نُزُولٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَإِذَا كَانَتِ الْآيَةُ فِي قَصَصٍ أَظْهَرَ الْعِبَرَ مِنَ الْقِصَّةِ وَبَيَّنَ تَارِيخَهَا وَقَدْ يَرْبِطُ الْحَاضِرَ بِالْمَاضِي كَرَبْطِ تَكَشُّفِ النِّسَاءِ الْيَوْمَ بِفِتْنَةِ إِبْلِيسَ لِحَوَّاءَ فِي الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا، وَفِتْنَتِهِ لِلْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى طَافُوا بِالْبَيْتِ عَرَايَا رِجَالًا وَنِسَاءً وَهَا هُوَ يَسْتَدْرِجُهُنَّ فِي التَّكَشُّفِ شَيْئًا فَشَيْئًا. بَدَأَ بِكَشْفِ الْوَجْهِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الذِّرَاعَيْنِ. . . إلخ. فَكَانَ أُسْلُوبًا عِلْمِيًّا وَتَرْبَوِيًّا فِي آنٍ وَاحِدٍ، كَمَا كَانَ أَحْكَامًا وَحُكْمًا.

وَكَانَ دَرْسُهُ أَشْبَهَ بِحَدِيقَةٍ غَنَّاءَ احْتَوَتْ أَشْهَرَ الثِّمَارِ وَأَجْمَلَ الْأَزْهَارِ، فِي تَنْسِيقِ الْغَرْسِ وَجَمَالِ الْجَدَاوِلِ تَشْرَحُ الصَّدْرَ وَتَشْفِي الْقَلْبَ وَتَرُوقُ لِلْعَيْنِ. فَيَسْتَفِيدُ مِنْهُ جَمِيعُ النَّاسِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا طَابَ لَهُ وَمَا وَسِعَهُ.

وَقَدْ يَسْتَطْرِدُ لِلْقَاعِدَةِ بِمَبْحَثٍ كَامِلٍ كَمَا اسْتَطْرَدَ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ فِي رَدِّهِ الْقِيَاسَ بِإِتْيَانِهِ بِأَنْوَاعِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ، وَقَدْ طُبِعَ فِي نِهَايَةِ مُذَكِّرَةِ الْأُصُولِ تَعْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ. وَبِهَذَا الشُّمُولِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ مَجَالًا لِسُؤَالٍ وَلَمْ يَبْقَ لِذِي حَاجَةٍ تَسَاؤُلٌ.

وَأَذْكُرُ كَلِمَةً لِقَاضِي قَرْيَةِ «قرو» فِي مُورِيتَانْيَا بَعْدَ أَنْ سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مَهَامَّ مِنَ الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ، وَأَجَابَ إِجَابَةً مُسْتَفِيضَةً مُفَصَّلَةً كَافِيَةً. قَالَ قَاضِي قرو: لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ هُنَا كَلَامٌ فَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ. وَلَا سُؤَالَ فَقَدْ زَالَ اللَّبْسُ، وَإِنَّ الْحُضُورَ بَيْنَ أَحَدِ رَجُلَيْنِ، عَالِمٌ فَقَدْ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ سُؤَالٌ، وَجَاهِلٌ فَلَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ.

فَكَانَ نَفْعُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ لِلْمُقِيمِ وَالْقَادِمِ لِلْقَاصِي وَالدَّانِي نَفْعًا عَظِيمًا.

ثَانِيًا: فِي سَنَةِ 1371 هـ افْتُتِحَتِ الْإِدَارَةُ الْعَامَّةُ بِالرِّيَاضِ عَلَى مَعْهَدٍ عِلْمِيٍّ، تَلَاهُ عِدَّةُ مَعَاهِدَ وَكُلِّيَّتَا الشَّرِيعَةِ وَاللُّغَةِ.

وَاخْتِيرَ لِلتَّدْرِيسِ فِي الْمَعْهَدِ وَالْكُلِّيَّتَيْنِ نُخْبَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ دَاخِلِ وَخَارِجِ الْمَمْلَكَةِ. وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّنِ اخْتِيرَ لِذَلِكَ فَتَوَلَّى تَدْرِيسَ التَّفْسِيرِ وَالْأُصُولِ إِلَى سَنَةِ 1381 هـ حِينَ افْتُتِحَتِ الْجَامِعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ بِالْمَدِينَةِ.

آثَارُهُ فِي الرِّيَاضِ: كَانَتْ مُدَّةُ اخْتِيَارِهِ لِلتَّدْرِيسِ بِالرِّيَاضِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ دِرَاسِيَّةٍ، يَعُودُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015