وَالْعِشْرِينَ مِنْ عَدِّ كَلِمَاتِهَا، فَتَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ.
وَقِيلَ أَيْضًا: إِنَّ حُرُوفَ كَلِمَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ تِسْعَةُ أَحْرُفٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُهَا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا، فَتَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ.
وَلَعَلَّ أَصْوَبَ مَا يُقَالُ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهَا تَتَّصِلُ فِي لَيَالِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَلَا تَخْرُجُ عَنْهَا. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا.
قِيلَ: الرُّوحُ هُوَ جِبْرِيلُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا [21 \ 91] ، وَيَكُونُ فِيهَا أَيْ فِي جَمَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
وَقِيلَ: إِنَّ الرُّوحَ نَوْعٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسْتَقِلٌّ، وَيَكُونُ فِيهَا ظَرْفٌ لِلنُّزُولِ أَيْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.
الْأَمْرُ يَكُونُ وَاحِدُ الْأُمُورِ وَوَاحِدُ الْأَوَامِرِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ شَامِلٌ لَهُمَا مَعًا ; لِأَنَّ الْأَمْرَ مِنَ الْأُمُورِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَمْرٍ مِنَ الْأَوَامِرِ: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [36 \ 82] .
وَيَشْهَدُ لَهُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِهَا فِي سُورَةِ الدُّخَانِ: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا [44 \ 4 - 5] .
وَالَّذِي يُفْرَقُ مِنَ الْأَمْرِ، هُوَ أَحَدُ الْأُمُورِ. حَيْثُ يُفْصَلُ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالضُّرِّ وَالنَّفْعِ إِلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ السِّيَاقُ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ [44 \ 8] ، فَكُلُّ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ يَقْتَضِي أَمْرًا مِنَ الْأَوَامِرِ، وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مَعْنَيَيْهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.