8

يُسْقَوْنَ بِنَفْسِهَا إِلَى الْكَأْسِ: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا [76 \ 17] ، وَيَأْتِي قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [76 \ 21] .

وَيُؤَيِّدُ هَذَا اتِّفَاقُهُمْ عَلَى التَّضْمِينِ فِي: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ، فَهُوَ هُنَا وَاضِحٌ.

وَهُنَاكَ التَّبْعِيضُ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ

تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - مَبْحَثُ النَّذْرِ وَافِيًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ الْآيَةَ [22 \ 29] فِي سُورَةِ «الْحَجِّ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا

اخْتُلِفَ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي عَلَى حُبِّهِ، هَلْ هُوَ رَاجِعٌ عَلَى الطَّعَامِ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ أَيْ: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّ الطَّعَامِ لِقِلَّتِهِ عِنْدَهُمْ وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، أَمْ عَلَى حُبِّ اللَّهِ رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ؟

وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ كَثِيرٍ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَسَاقَ الشَّوَاهِدَ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ [2 \ 177] ، وَقَوْلِهِ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [3 \ 92] .

وَالْوَاقِعُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ الْأَوَّلَ فِيهِ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَكِنْ أَقْرَبُ دَلِيلًا وَأَصْرَحُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [59 \ 9] .

وَفِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ قَرِينَةٌ تَشْهَدُ لِرُجُوعِهِ لِلطَّعَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَهَا: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا [76 \ 9] ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى حُبِّ اللَّهِ، مِمَّا يَجْعَلُ الْأُولَى لِلطَّعَامِ وَهَذِهِ لِلَّهِ. وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ، فَيَكُونُ السِّيَاقُ: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حَاجَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَلِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى. - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

مَسْأَلَةٌ.

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، جَمْعُ أَصْنَافٍ ثَلَاثَةٍ:

الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَالِبًا، أَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ الْأَسِيرُ فَلَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُسْلِمِينَ أَسْرَى إِلَّا مِنَ الْكُفَّارِ، وَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015