صَاحِبَيْهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ -، ثُمَّ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ انْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ مَا تَيَسَّرَ لَهُ. وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مَبْحَثُ السَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ السَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [49 \ 2] فِي التَّحْذِيرِ مِنْ مُبْطِلَاتِ الْأَعْمَالِ وَبَيَانِ مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يُصْرَفُ لِغَيْرِهِ، وَمَا هُوَ حَقٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُتَجَاوَزُ بِهِ.
وَقَدْ يَجُرُّ الْحَدِيثُ عَنِ السَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَضْلِهِ وَفَضِيلَتِهِ إِلَى مَوْضُوعِ شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَإِلَى السَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
شَدُّ الرِّحَالِ إِلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ لِلسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِمَّا اخْتُصَّ بِهِ الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ، بَلْ وَمِنْ أَهَمِّ خَصَائِصِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ دَاخِلِ هَذَا الْمَسْجِدِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.
كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» وَمُجْمِعُونَ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَرِيبٍ، وَمَا كَانَ هَذَا السَّلَامُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ إِلَّا مِنَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، سَوَاءٌ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ إِدْخَالِ الْحُجْرَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَوَّلَ آدَابِ الزِّيَارَةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الْبَدْءُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَبَعْدَ السَّلَامِ يَنْصَرِفُ عَنِ الْمُوَاجَهَةِ، وَيَدْعُو مَا شَاءَ وَهُوَ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الْمَسْجِدِ.
وَهُنَا مَسْأَلَةٌ طَالَمَا أُثِيرَ النِّزَاعُ فِيهَا: وَهِيَ شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَهِيَ إِنْ كَانَ مَحَلُّهَا مَبْحَثَ الزِّيَارَةِ وَأَحْكَامِهَا وَآدَابِهَا، إِلَّا أَنَّنَا نَسُوقُ مُوجَزًا عَنْهَا بِمُنَاسَبَةِ حَدِيثِ شَدِّ الرِّحَالِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ.
مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ حَدِيثُ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ ; لِاخْتِلَافِهِمْ فِي تَقْدِيرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. وَالْمُرَادُ بِشَدِّ الرِّحَالِ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ