وَقَضِيَّةُ الْأَرْبَعِينَ صَلَاةً الثَّانِيَةَ بَعْدَ التَّوْسِعَةِ الْأُولَى لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَنَقْلِ الْمِحْرَابِ إِلَى الْقِبْلَةِ عَنِ الرَّوْضَةِ، فَأَيُّ الصَّفَّيْنِ أَفْضَلُ؟ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَمْ صُفُوفُ الرَّوْضَةِ.
الثَّالِثَةُ: صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ الزِّحَامِ أَمَامَ الْإِمَامِ.
الرَّابِعَةُ: حَدِيثُ شَدِّ الرِّحَالِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَأْتِي مَبْحَثٌ مُوجِبٌ الرَّبْطَ بَيْنَ أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا، وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا
لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنْوِيهِ وَالْإِيمَاءِ إِلَى بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مَعَ تَمْحِيصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ.
وَتِلْكَ الْمَبَاحِثُ كُنْتُ قَدْ فَصَّلْتُهَا فِي رِسَالَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الَّتِي كَتَبْتُهَا مِنْ قَبْلُ، وَنُجْمِلُ ذَلِكَ هُنَا.
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ.
هَلِ الْفَضْلِيَّةُ خَاصَّةٌ بِالْفَرْضِ، أَمْ بِالنَّفْلِ؟ اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى الْفَرْضِ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي النَّفْلِ، مَا عَدَا تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ.
وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَفِي قِيَامِ اللَّيْلِ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ هُوَ عُمُومُ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ شَمَلَهُ بِالنَّافِلَةِ، وَمَنْ حَمَلَ الْعُمُومَ عَلَى الْأَصْلِ فِيهِ قَصَرَهُ عَلَى الْفَرِيضَةِ، إِذِ الْعَامُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَخَصِّ مِنْهُ، وَهِيَ الْفَرِيضَةُ.
وَقَدْ جَاءَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ: «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» .
وَجَاءَ التَّصْرِيحُ بِمَسْجِدِهِ بِقَوْلِهِ: «صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» .
وَمَا جَاءَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ وَمَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ وَالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ تَرَى مَا أَقْرَبَ بَيْتِي مِنَ الْمَسْجِدِ ; فَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِيَ فِي الْمَسْجِدِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَكْتُوبَةَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَرَأَيْتَ قُرْبَ بَيْتِي مِنَ الْمَسْجِدِ؟» ، قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَإِنِّي