وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمْ حِفْظُ النُّصُوصِ، بَلْ يَكْفِي عِنْدَهُمْ عِلْمُهُ بِمَدَارِكِهَا فِي الْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْحَدِيثِ.

عَارِفًا بِمَوَاقِعَ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ.

عَارِفًا بِشُرُوطِ الْمُتَوَاتِرِ، وَالْآحَادِ وَالصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ.

عَارِفًا بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.

عَارِفًا بِأَسْبَابِ النُّزُولِ.

عَارِفًا بِأَحْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَأَحْوَالِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، اخْتَلَفُوا فِي شَرْطِ عَدَمِ إِنْكَارِهِ لِلْقِيَاسِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِي اشْتِرَاطِهِمْ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ لَيْسَ نَصًّا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ كُلَّهَا لَا يَصِحُّ دُونَهَا عَمَلٌ بِكِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إِجْمَاعًا دَالًّا عَلَى ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا مُسْتَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ هُوَ تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ فِي ظَنِّهِمْ.

وَإِيضَاحُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهَا دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُشْتَرَطُ لَهُ إِلَّا شَرْطٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِحُكْمِ مَا يَعْمَلُ بِهِ مِنْهُمَا.

وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَلِ بِالْوَحْيِ شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَى الْعِلْمِ بِحُكْمِهِ الْبَتَّةَ.

وَهَذَا مِمَّا لَا يَكَادُ يُنَازِعُ فِيهِ أَحَدٌ.

وَمُرَادُ مُتَأَخِّرِي الْأُصُولِيِّينَ بِجَمِيعِ الشُّرُوطِ الَّتِي اشْتَرَطُوهَا هُوَ تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ.

لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْوَحْيِ لَمَّا كَانَ هُوَ مَنَاطَ الْعَمَلِ بِهِ أَرَادُوا أَنْ يُحَقِّقُوا هَذَا الْمَنَاطَ، أَيْ يُبَيِّنُوا الطُّرُقَ الَّتِي يَتَحَقَّقُ بِهَا حُصُولُ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْعَمَلِ.

فَاشْتَرَطُوا جَمِيعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالْوَحْيِ دُونَهَا.

وَهَذَا الظَّنُّ فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ لَهُ فَهْمٌ إِذَا أَرَادَ الْعَمَلَ بِنَصٍّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015