عَلَى قَلْبِهِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ [2 \ 97] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [26 \ 192 - 195] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ: تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ [45 \ 6] يَعْنِي آيَاتِهِ الشَّرْعِيَّةَ الدِّينِيَّةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِطْلَاقَيْنِ، وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِطْلَاقَيْنِ أَيْضًا.
أَمَّا إِطْلَاقَاهُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ:
فَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ - فَهُوَ إِطْلَاقُ الْآيَةِ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ، وَهَذَا مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ ذُبْيَانٍ:
تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا ... لِسِتَّةِ أَعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْآيَاتِ عَلَامَاتُ الدَّارِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ:
رَمَادٌ كَكُحْلِ الْعَيْنِ لَأْيًا أُبِينُهُ ... وَنُؤْيٌ كَجَذْمِ الْحَوْضِ أَثَلَمُ خَاشِعُ
وَأَمَّا الثَّانِي مِنْهُمَا فَهُوَ إِطْلَاقُ الْآيَةِ بِمَعْنَى الْجَمَاعَةِ، يَقُولُونَ: جَاءَ الْقَوْمُ بِآيَتِهِمْ، أَيْ بِجَمَاعَتِهِمْ.
وَمِنْهُ قَوْلُ بُرْجُ بْنُ مُسْهِرٍ:
خَرَجْنَا مِنَ النَّقْبَيْنِ لَا حَيَّ مِثْلُنَا ... بِآيَتِنَا نُزْجِي اللِّقَاحَ الْمَطَافِلَا
وَقَوْلُهُ: بِآيَاتِنَا، يَعْنِي بِجَمَاعَتِنَا.
وَأَمَّا إِطْلَاقَاهُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ: فَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا: إِطْلَاقُ الْآيَةِ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ، كَآيَاتِ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ هُنَا: تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ الْآيَةَ.
وَأَمَّا الثَّانِي مِنْهُمَا: فَهُوَ إِطْلَاقُ الْآيَةِ عَلَى الْآيَةِ الْكَوْنِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [3 \ 190] .
أَمَّا الْآيَةُ الْكَوْنِيَّةُ الْقَدَرِيَّةُ فَهِيَ بِمَعْنَى الْآيَةِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَلَامَةُ ; لِأَنَّ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةَ عَلَامَاتٌ قَاطِعَةٌ، عَلَى أَنَّ خَالِقَهَا هُوَ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ وَحْدَهُ.