وَإِذَا عَلِمْتَ مُرَادَهُمْ بِمَا ذُكِرَ، فَاعْلَمْ أَنَّ التَّحْقِيقَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا قَدَّمْنَا، وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ «مَنْعُ جَوَازِ الْمَجَازِ فِي الْمُنَزَّلِ لِلتَّعَبُّدِ وَالْإِعْجَازِ» ، أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا مَجَازَ فِيهِ، وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [28 \ 8] ، أَيْ: مُرْتَكِبِينَ الْخَطِيئَةَ الَّتِي هِيَ الذَّنْبُ الْعَظِيمُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا [71 \ 25] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ الْآيَةَ [2 \ 81] .
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْخَاطِئِ عَلَى الْمُذْنِبِ الْعَاصِي قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ [69 \ 36 - 37] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ [96 \ 16] ، وَقَوْلُهُ: إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ [12 \ 29] ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا الْآيَاتِ. قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي سُورَةِ «مَرْيَمَ» .
وَاعْلَمْ أَنَّا رُبَّمَا تَرَكْنَا كَثِيرًا مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَ إِيضَاحُهَا مِنْ غَيْرِ إِحَالَةِ عَلَيْهَا، لِكَثْرَةِ مَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ.
مَا ذَكَرَهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ إِتْبَاعِهِ اللَّعْنَةَ لِفِرْعَوْنِ وَجُنُودِهِ، بَيَّنَهُ أَيْضًا فِي سُورَةِ «هُودٍ» ، بِقَوْلِهِ فِيهِمْ: وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ [11 \ 99] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: مِنَ الْمَقْبُوحِينَ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ مِنَ الْمَطْرُودِينَ الْمُبْعَدِينَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْبُوحِينَ اسْمُ مَفْعُولٍ، قَبَّحَهُ إِذَا صَيَّرَهُ قَبِيحًا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَهْدِي مَنْ أَحَبَّ هِدَايَتَهُ، وَلَكِنَّهُ جَلَّ