مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ «اهـ. بِوَاسِطَةِ نَقْلِ الْمَجْدِ فِي» الْمُنْتَقَى «.

وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، فَتَصْلُحُ بِمَجْمُوعِهَا لِلِاحْتِجَاجِ، وَتَعْتَضِدُ بِأَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى الْعَمَلِ بِهَا، إِلَّا مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيِّ. وَقَدْ دَلَّ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ عِنْدَ مُسْلِمٍ: عَلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ لَا يُجْزِئُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي بُرْدَةَ:» ضَحِّ بِجَذَعَةٍ مِنَ الْمَعْزِ وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ «، دَلِيلٌ: عَلَى أَنَّ جَذَعَ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بُرْدَةَ:» ضَحِّ بِالْجَذَعِ مِنَ الْمَعْزِ وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ «.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ: أَبُو بُرْدَةَ، قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:» شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ. قَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ» انْتَهَى مِنْهُ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ: «وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» . وَكَذَلِكَ هِيَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الْمَذْكُورِ: «وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» . وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ: «ضَحِّ بِهَا وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهُ: «وَلَا تُجْزِئُ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .

وَالرِّوَايَاتُ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِأَبِي بُرْدَةَ فِي التَّضْحِيَةِ بِعَنَاقٍ جَذَعَةٍ مِنَ الْمَعْزِ وَصَرَّحَ: بِأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَهُ مَعْرُوفَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَذَعَ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ. فَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ رُدَّ قَوْلُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ جَذَعَةَ الْمَعْزِ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ أَبِي بُرْدَةَ.

فَإِنْ قِيلَ: جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ:» ضَحِّ بِهِ أَنْتَ «، وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ الْمَذْكُورِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:» قَسَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِينَا ضَحَايَا فَأَصَابَنِي جَذَعٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي جَذَعٌ، فَقَالَ: «ضَحِّ بِهِ» انْتَهَى مِنْهُ. وَرِوَايَاتُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِجَذَعِ الْمَعْزِ ; لِأَنَّ الْعَتُودَ لَا تُطْلَقُ إِلَّا عَلَى وَلَدِ الْمَعْزِ، وَالرِّوَايَاتُ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ جَذَعٌ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «النِّهَايَةِ» : وَالْعَتُودُ مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ إِذَا قَوِيَ وَرَعَى، وَأَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ. وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015