وَالْأَصَحُّ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا فِي سَنِّ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ عَنِ الْفُقَهَاءِ، وَأَهْلِ اللُّغَةِ، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الْجَذَعُ إِلَّا مِنَ الضَّأْنِ خَاصَّةً، وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ: إِلَّا الثَّنِيُّ، وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ عِنْدَهُمْ: مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَدَخَلَ فِي السَّابِعِ، وَثَنِيُّ الْمَعْزِ عِنْدَهُمْ: إِذَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ، وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ، وَثَنِيُّ الْبَقَرِ عِنْدَهُمْ: إِذَا تَمَّتْ لَهُ سَنَتَانِ، وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ، وَثَنِيُّ الْإِبِلِ عِنْدَهُمْ: إِذَا تَمَّتْ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ. قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي «الْمُغْنِي» : وَقَالَ أَيْضًا «قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: إِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الْخَامِسَةُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ، وَأَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ ثَنِيٌّ، وَنَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ ثَنِيًّا ; لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَيْهِ. وَأَمَّا الْبَقَرَةُ فَهِيَ الَّتِي لَهَا سَنَتَانِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:» لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً «وَمُسِنَّةُ الْبَقَرِ الَّتِي لَهَا سَنَتَانِ، وَقَالَ وَكِيعٌ: الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يَكُونُ ابْنَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ. انْتَهَى كَلَامُ» الْمُغْنِي «. وَقَدْ عَرَفْتَ مَذَاهِبَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي السِّنِّ الَّتِي تُجْزِئُ ضَحِيَّةً مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِجْزَاءِ جَذَعِ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ بَعْضِ الِاخْتِلَافِ، الَّذِي رَأَيْتَ فِي سَنِّ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: الْأَظْهَرُ عِنْدِي: هُوَ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ: الْجَذَعُ إِلَّا مِنَ الضَّأْنِ خَاصَّةً، وَمِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ وَهُوَ الْمَعْزُ، وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ: لَا يُجْزِئُ إِلَّا الثَّنِيُّ. فَمَا فَوْقَهُ. وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فِي الْهَدَايَا، وَالْأَضَاحِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَالتَّأْوِيلُ الَّذِي قَدَّمْنَا عَنِ النَّوَوِيِّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:» لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ «، أَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالْأَفْضَلِ يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَالْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ عَنْ ظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: هِيَ أَحَادِيثُ أُخَرُ جَاءَتْ مِنْ طُرُقٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ يُجْزِئُ، وَظَاهِرُهَا وَلَوْ كَانَ الْمُضَحِّي قَادِرًا عَلَى الْمُسِنَّةِ، وَسَنَذْكُرُهَا هُنَا بِوَاسِطَةِ نَقْلِ الْمَجْدِ فِي» الْمُنْتَقَى «; لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:» نِعْمَ أَوْ نِعْمَتِ الْأُضْحِيَّةُ: الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ «وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أُمِّ بِلَالٍ بِنْتِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:» يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ ضَحِيَّةً «. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ:» إِنَّ الْجَذَعَ يُوَفِّي مِمَّا تُوَفِّي مِنْهُ الثَّنِيَّةُ «وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:» ضَحَّيْنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015