لِوُجُوبِ فَسْخِ ذَلِكَ النِّكَاحِ بِذَلِكَ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ، وَكَالْحَدَثِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنِ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، مَانِعٌ مِنَ الدَّوَامِ عَلَيْهَا إِذَا طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا.
وَالثَّانِي: هُوَ الْمَانِعُ لِلدَّوَامِ فَقَطْ دُونَ الِابْتِدَاءِ، كَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنَ الدَّوَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ بِمُوجِبِهِ، وَلَيْسَ مَانِعًا مِنِ ابْتِدَاءِ عَقْدٍ جَدِيدٍ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِمُوجِبِهِ.
وَالثَّالِثُ: هُوَ الْمَانِعُ مِنَ الِابْتِدَاءِ فَقَطْ دُونَ الدَّوَامِ، كَالنِّكَاحِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِحْرَامِ، فَإِنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ مَانِعًا مِنَ الدَّوَامِ عَلَى عَقْدٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَكَالِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنَ النِّكَاحِ فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَيْسَ مَانِعًا مِنَ الدَّوَامِ عَلَى النِّكَاحِ ; لِأَنَّ الزَّوْجَ إِذَا وُطِئَتِ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ، فَلَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الدَّوَامِ عَلَى عَقْدِ زَوَاجِهَا الْأَوَّلِ، قَالُوا: وَمِنْ هَذَا الطِّيبِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنِ ابْتِدَائِهِ، وَلَيْسَ مَانِعًا مِنَ الدَّوَامِ عَلَيْهِ، كَالنَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَى تَعْرِيفِ الْمَانِعِ وَأَقْسَامِهِ، أَشَارَ فِي " الْمَرَاقِي " بِقَوْلِهِ:
مَا مِنْ وُجُودِهِ يَجِيءُ الْعَدَمُ ... وَلَا لُزُومٌ فِي انْعِدَامٍ يُعْلَمُ
بِمَانِعٍ يَمْنَعُ لِلدَّوَامِ ... وَالِابْتِدَا أَوْ آخِرِ الْأَقْسَامِ
أَوْ أَوَّلُ فَقَطْ عَلَى نِزَاعٍ ... كَالطُّولِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالرَّضَاعِ
هَذَا هُوَ حَاصِلُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَمُنَاقَشَتُهَا.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: أَظْهَرُ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الطِّيبَ جَائِزٌ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ بَقِيَتْ رِيحُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ ; لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، وَالْأَخْذُ بِآخِرِ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
وَقَدْ عَلِمْتَ مِنَ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ عَامَ عَشْرٍ، وَحَدِيثُ يَعْلَى عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ عَامُ ثَمَانٍ، فَحَدِيثُ عَائِشَةَ بَعْدَ حَدِيثِ يَعْلَى بِسَنَتَيْنِ، هَذَا مَا ظَهَرَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ
أَظْهَرُ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي أَنَّهُ إِنْ طَيَّبَ ثَوْبَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَلَهُ الدَّوَامُ عَلَى لُبْسِهِ كَتَطْيِيبِ بَدَنِهِ، وَأَنَّهُ إِنْ نَزَعَ عَنْهُ ذَلِكَ الثَّوْبَ الْمُطَيَّبَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ لُبْسَهُ، فَإِنْ لَبِسَهُ صَارَ كَالَّذِي ابْتَدَأَ الطِّيبَ فِي الْإِحْرَامِ، فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَلَ الطِّيبَ الَّذِي