الْمَوَّاقِ فِي كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ، اهـ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: يَنْزِعُهُ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقَلُّدُ السَّيْفِ اخْتِيَارًا عِنْدَهُ كَمَا تَرَى، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ، أَنْ يَتَقَلَّدَ السَّيْفَ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَيَتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَقَالَ فِي «الْمُغْنِي» فِي شَرْحِهِ لِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ: فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ «الْحَجِّ» : بَابُ لُبْسِ السِّلَاحِ لِلْمُحْرِمِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِذَا خَشِيَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلَاحَ وَافْتَدَى، وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ.

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذِي الْقِعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحًا إِلَّا فِي الْقِرَابِ» انْتَهَى مِنْهُ.

وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تُوبِعَ فِي لُبْسِ السِّلَاحِ لِلضَّرُورَةِ ; لِأَنَّ مَعْنَى قَاضَاهُمْ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحًا إِلَّا فِي الْقِرَابِ، أَنَّهُ صَالَحَ كُفَّارَ مَكَّةَ صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ، أَنَّهُ إِنْ دَخَلَ مُعْتَمِرًا عَامَ سَبْعٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ السُّيُوفَ إِلَّا فِي أَغْمَادِهَا، وَالْقِرَابُ غِمْدُ السَّيْفِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ لِلْخَوْفِ مِنَ الْعَدُوِّ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي بَابِ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذِي الْقِعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: «فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ السِّلَاحُ إِلَّا السَّيْفُ فِي الْقِرَابِ» الْحَدِيثَ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: «لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ إِلَّا فِي الْقِرَابِ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَيْضًا: «وَلَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ» فَسَأَلُوهُ: مَا جُلُبَّانُ السِّلَاحِ؟ فَقَالَ: «الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ» وَالْجُلُبَّانُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَاللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا أَلْفٌ ثُمَّ نُونٌ: هُوَ قِرَابُ السَّيْفِ وَيُطْلَقُ عَلَى أَوْعِيَةِ السِّلَاحِ، وَيُرْوَى بِتَسْكِينِ اللَّامِ، وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ، وَهُوَ شِبْهُ الْجِرَابِ مِنَ الْأُدْمِ يُوضَعُ فِيهِ السَّيْفُ مَغْمُودًا.

وَقَالَ صَاحِبُ «اللِّسَانِ» : وَالْقِرَابُ غِمْدُ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَنَحْوِهِمَا وَجَمْعُهُ قُرُبٌ أَيْ: بِضَمَّتَيْنِ، وَفِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ: قِرَابُ السَّيْفِ: جَفْنُهُ وَهُوَ وِعَاءٌ يَكُونُ فِيهِ السَّيْفُ بِغِمْدِهِ، وَحِمَالَتِهِ، اهـ وَالْقِرَابُ كَكِتَابٍ، وَمِنْ جَمْعِهِ عَلَى قُرُبٍ بِضَمَّتَيْنِ قَوْلُهُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015