سُبْعُ مُدٍّ، أَوْ سُبْعُ دِرْهَمٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ تَفَاصِيلُ كَثِيرَةٌ، تَرَكْنَاهَا لِطُولِهَا، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. لَزِمَهُ دَمٌ، وَعَنْهُ فِي تَرْكِ رَمْيِ الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ دَمٌ، وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ فِي الْحَصَاةِ، وَالْحَصَاتَيْنِ وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ: دَمًا كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ فِي ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ: دَمًا كَأَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ كُلِّ حَصَاةٍ مُدٌّ كَأَحَدِ الْأَقْوَالِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَإِذَا عَرَفْتَ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي حُكْمِ مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنَ الرَّمْيِ، حَتَّى فَاتَ وَقْتُهُ.

فَاعْلَمْ أَنَّ دَلِيلَهُمْ فِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ كُلَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، هُوَ مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ، فَلْيُهْرِقْ دَمًا، وَهَذَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَجَاءَ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَلَمْ يَثْبُتْ. وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا إِلَى آخِرِهِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَهَذَا إِسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا تَرَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ أَيُّوبَ بْنَ أَبِي تَمِيمَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا اهـ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَأَمَّا حَدِيثُ: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» فَرَوَاهُ مَالِكٌ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لَا مَرْفُوعًا، وَلَفْظُهُ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا قَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي قَالَ: تَرَكَ أَمْ نَسِيَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ: مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مَنْ نُسُكِهِ فَلْيُهْرِقْ لَهُ دَمًا وَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، فَكَأَنَّهُ قَالَهُمَا يَعْنِي الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَوْ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مَالِكٌ بَلْ لِلتَّقْسِيمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ يُرِيقُ دَمًا سَوَاءٌ تَرَكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَلْخِيصِ الْحَبِيرِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» ، أَمَّا الْمَوْقُوفُ، فَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ بِلَفْظِ: «مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا» وَأَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015