النَّسَائِيِّ الْعَامَّةُ فِي أَيَّامِ مِنًى فِيهَا أَنَّهُ كَانَ يُسْأَلُ فِيهَا فَيَقُولُ: " لَا حَرَجَ " وَأَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ فَقَالَ " لَا حَرَجَ "، وَلَمْ يُعَيِّنِ الْيَوْمَ الَّذِي قَالَ فِيهِ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ وَعُمُومُ أَيَّامِ مِنًى صَادِقٌ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَقَدْ بَيَّنَتْ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ السُّؤَالَ وَقَعَ فِي خُصُوصِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: لَا حَرَجَ فِي أَشْيَاءَ أُخَرَ فِي بَقِيَّةِ أَيَّامِ مِنًى، وَغَايَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَيَّامَ مِنًى عَامٌّ وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَيَّنَتِ الْيَوْمَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ.

الْجَوَابُ الثَّالِثُ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ: أَنَّهُ أَمَرَ زَوْجَتَهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ، وَابْنَةَ أَخِيهَا، بِرَمْيِ الْجَمْرَةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَرَأَى أَنَّهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّمْيَ لَيْلًا جَائِزٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ صَفِيَّةَ وَابْنَةَ أَخِيهَا كَانَ لَهُمَا عُذْرٌ، لِأَنَّ ابْنَةَ أَخِيهَا عُذْرُهَا النِّفَاسُ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ وَهِيَ عُذْرُهَا مُعَاوَنَةُ ابْنَةِ أَخِيهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

الْفَرْعُ السَّابِعُ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِلَقْطِ الْحَصَيَاتِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ: أَعْنِي السَّبْعَ الَّتِي تُرْمَى بِهَا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إِنَّ لَقْطَهَا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ مُسْتَحَبٌّ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ:

الْأَوَّلُ: حَدِيثُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ: " الْقُطْ لِي حَصًى " فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَأَمَّا حَدِيثُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي لَقْطِ الْحَصَيَاتِ فَصَحِيحٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَوْ صَحِيحٍ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ، إِسْنَادُ النَّسَائِيِّ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُمَا رَوَيَاهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُ رِوَايَتَيْهِمَا أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، لَا الْفَضْلُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، لَا الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي مُسْنَدِ الْفَضْلِ، وَالْجَمِيعُ صَحِيحٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَيَكُونُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَلَهُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَأَرْسَلَهُ فِي رِوَايَتَيِ النَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَهُوَ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ حُجَّةٌ لَوْ لَمْ يُعْرَفِ الْمُرْسَلُ عَنْهُ فَأَوْلَى بِالِاحْتِجَاجِ، وَقَدْ عُرِفَ هُنَا أَنَّهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّهُ إِذَا أَتَى مِنًى لَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ قَبْلَ الرَّمْيِ، فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَأْخُذَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015