أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ يَقُولُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، يَرَوْنَ أَنْ يُحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ حُجَّ عَنْهُ، وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُحَجَّ عَنِ الْحَيِّ، إِذَا كَانَ كَبِيرًا أَوْ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَحُجَّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ. انْتَهَى مِنْ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ إِلَى آخِرِ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ. اهـ.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ مَنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي كَبِيرٌ، وَقَدْ أَفْنَدَ وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا فَيُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:» نَعَمْ «رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. انْتَهَى مِنْهُمَا بِوَاسِطَةِ نَقْلِ الْمُجِدِّ فِي الْمُنْتَقَى وَالنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ: وَحَدِيثُ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ. اهـ. وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَقَدْ أَفْنَدَ؛ أَيْ: خَرِفَ وَضَعُفَ عَقْلُهُ مِنَ الْهِرَمِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مَنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ، وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ فَهَلْ يُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ» أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَحُجَّ عَنْهُ «وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ» أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ؟ «قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ» وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَثْبُتُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَإِنْ شَدَدْتُهُ خَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ، أَكَانَ مُجْزِئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ» . اهـ مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيِّ.
وَحَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ قَالَ الْمُجِدُّ فِي الْمُنْتَقَى: رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: قَالَ الْحَافِظُ: إِنَّ إِسْنَادَهُ صَالِحٌ. انْتَهَى. وَالْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ.