بقية السلف الشيخ أحمد البعلي، وبه تخرج وانتفع؛ وعن الشيخ محمد بن مصطفى اللبدي النابلسي، وقرأ على العلامة علي أفندي الطاغستاني مدرس قبّة النسر (?) والشيخ محمد بن علي السليمي والشيخ محمد الكاملي وغيرهم، وكان إمام الحنابلة في عصره أعجوبة في استحضار كلام الأصحاب، انتهت إليه رئاسة الفقه وشدّت الرحال للأخذ عنه، وكان حافظًا للسانه مقبلًا على شأنه لين العريكة حلو المفاكهة له مكارم وبشاشة، ولي نظارة الجامع الأموي في دمشق والجامع المظفري في صالحيتها مدة طويلة، فحمدت سيرته ولم يذكر عنه ما يشينه. ومن مؤلفاته الكتاب العظيم المسمى (مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى) ثلاث مجلدات ضخام، وله كتاب سماه (تحفة العباد فيما في اليوم والليلة من الأوراد) جمعه من الأصول الستة وله تحريرات وفتاوى لو جمعت لبلغت مجلدًا، وقد روى عنه وانتفع به أناس كثيرون من النجديين والنابلسيين وغيرهم. وقد أخذ عنه الفقه الشيخ محمد بن حسن الشطي وانتفع به، توفي ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الثاني سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف، وصلي عليه بجامع بني أمية، وكانت جنازته حافلة ودفن بتربة الذهبية حذاء آل أبي المواهب الحنبلي ورثاه تلميذه الشيخ سعيد السفاريني بقصيدة مطلعها:
سهم الحمام على الخليقة منتضى ... صبرًا وتسليمًا لما حَكَم القضا
وكتاب (غاية المنتهى) قد صنفه الشيخ مرعي الكرمي جمعًا بين (الإقناع) و (المنتهى) وصاحب الترجمة شرحه بشرحه المذكور، ولما وقع الاعتراض من بعض علماء نجد على مواضع في المتن والشرح المذكورين، انتصر المرحوم الشيخ محمد بن حسن الشطي فجرد ما زاد منهما على الأصلين